للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأَنهم رأوها متحركة بِمَنْزِلَة هَاء طَلْحَة فحذفوها وَلَا يجوز ذَلِك فِي غير الْأُم من الْمُضَاف وَإِنَّمَا جَازَت هَذِه الْأَشْيَاء فِي الْأُم وَالْأَب لكثرتهما فِي النّداء كَمَا قَالُوا يَا صَاح فِي هَذَا الِاسْم وَلَيْسَ كل شَيْء يكثر فِي كَلَامهم يُغير عَن الأَصْل لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْقِيَاسِ عِنْدهم فكرهوا ترك الأَصْل. قَالَ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن حَمْزَة الْكُوفِي: إِن كَانَ صَحَّ قَول النّبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم لعَلي: (يَا عليّ أَنا وَأَنت أبَوا هَذِه الآمة) . فَمَعْنَاه أَنا وَأَنت القائمان بِأَمْر هَذِه الْأمة لِأَن الْعَرَب تَقول لكل من قَامَ بِشَيْء وتكفل بِهِ هُوَ أَبُو كَذَا وَكَذَا وَرُبمَا قَالُوا أم كَذَا وَرُبمَا قَالُوا ابْن كَذَا وسأوسعك من قَوْلهم مَا يدلك على صِحَة قَوْلنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ تَمِيم بن مقبل يرثي عُثْمَان بن عَفَّان: وملجأ مهروئين يُلفى بِهِ الحَيا إِذا جَلَّفتْ كَحْلٌ هُوَ الْأُم والأبُ المَهْروء: الَّذِي قد أنضجه الْبرد. هرأَه يهرأَه هَرْءاً. وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْل الَّذِي هجا باهلة فَقَالَ: قومٌ قُتيبةُ أمّهم وأبوهم لَوْلَا قتيبةُ أَصْبحُوا فِي مَجْهَلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ لؤم أصل باهلة وخسة فرعها وَأَنَّهَا لَا فَخر لَهَا سوى قُتَيْبَة وَأَنَّهَا مَتى سُئِلت عَن مفخر لم تأت إلاّ بقتيبة وَقَالَ الحُطيئة لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أمُّ بُعثتَ لنا وَمَاتَتْ أمّنا من قيلِ عادٍ حِين مَاتَ النّبعُ وَأنْشد ابْن الأَعْرابِي: أَبَا نزارٍ كَرْمَ مَا أَتَيْتنَا يَا معنُ قد شَفيتَ واشتفيتا رفعت بَيْتا وَوضعت بَيْتا علّمت أهل حَضرمَوْت الموتا قَالَ: وَإِنَّمَا مدح مَعْناً بِهَذَا الشّعر وَكَانَ معن يكنى أَبَا الْوَلِيد فَأَرَادَ أَنَّك تَكْفِي نزاراً أمرهَا أَنْت لَهَا كَالْأَبِ وَهَذَا قريب الْمَعْنى من قَول رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: (نِعْمَتِ العَمَّةُ لكم النّخلة) . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: رُئي فَارس يَوْم الْكلاب من بني الْحَارِث يشد على النّاس فيردهم وَيَقُول: أَنا أَبُو شَدَّاد. فَإِذا كرّوا عَلَيْهِ ردهم، وَقَالَ: أَنا أَبُو رَدّاد. وَهَذَا كَقَوْل الرّاجز وَذكر غنما: وجَفْرة تُدارِك التّحوبا تنَّخِذ الرّمثة أما وَأَبا وَهَذَا معنى قَول الْمَسِيح عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السّلام وَكَانَ فِي يَده الْيُمْنَى مَاء وَفِي يَده الْيُسْرَى خبز: هَذَا أبي وَهَذَا أُمِّي، فَجعل المَاء أَبَا وَجعل الطّعام أما لِأَن المَاء من الأَرْض يقوم مقَام النّطفة من الْمَرْأَة هَذِه تنْبت عَن هَذَا وَهَذِه تحبل عَن هَذَا، وَقَالَ نَهَار بن تَوْسِعة: أبي الإِسلامُ لَا أبَ لي سواهُ إِذا افْتَخرُوا بقيسٍ أَو تميمِ وَتقول للمُضيف لَك أَبُو مَثواي: أَي الْقَائِم بِي والسّائس لأمري، وَنَحْو هَذَا كثير من الْعُمُوم فَأَما من الْخُصُوص فَزعم أَبُو سعيد السّيرافي أَن أَبَا نُخيلة وُلد عِنْد أصل نَخْلَة فسُمي أَبَا نخيلة وكني أَبَا الجُنيد، وَقَالَ الرّاجز: أحبُّ أمَّ العَمْرِ حبا صَادِقا حبَّ أبي جُوالِقٍ جُوالِقا يُرِيد المَيّار والجُوالق الَّذِي يُمتار فِيهِ، فَجعله أَبَاهُ، وكنى الْهُذلِيّ الثّور أَبَا الْعجل فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>