لبَعض أَهله خُذ من شتنا إهالتها إِلَى مخاطها فَقَالَ سرعَان ذَا إهالة والإهالةُ: الشَّحْم المُذاب. أَبُو حَاتِم السِّجِسْتاني: وَقد ذكر شَتَّانَ فَزعم أَنه بمنزِلة سُبْحانَ وَهَذَا وهمٌ لِأَن سُبْحانَ عِنْد النَّحْوِيين منصوبٌ مُعرَب إِلَّا أَنه لَا يَنْصَرِف لِأَنَّهُ معرفَة وَلِأَن فِي آخِره نوناً وألفاً زائدتَيْن وانتصبَ لِأَنَّهُ مصدرٌ وَلم يُنوَّن لِأَنَّهُ لَا ينْصَرف، قَالَ أميَّةُ بن أبي الصَّلْت: سُبْحانَهُ ثمَّ سُبْحاناً يعودُ لَهُ وقَبْلَنا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُد الجودِيُّ والجُمُد: جبلان، وسُبْحاناً فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا أَن يكونَ نُوِّن للضَّرُورَة كَمَا يُصْرَف مَا لَا ينْصَرِف فِي الشّعْر وَالْآخر أَن يكون نكرَة فأعربَه. وَأما إبَّانَ ذَلِك وإفَّانَ ذَلِك وَالْمعْنَى فيهمَا مُتَقَارب فهما مُعْرَبان مضافان إِلَى مَا بعدهمَا كَقَوْلِك جِئت على إفَّانِ ذَلِك وجِئت فِي إبَّانِه: أَي فِي وقْتِه وَإِذا لم تُدخلِ الجارَّ نصبْتَ على الظّرْف فقلتَ جِئت إبَّانَ ذَلِك. وَمن ذَلِك هَلُمَّ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَلُمَّ وَمَا أشبَهها من أَسمَاء الْفِعْل لَا تدخُلُها النُّون الثَّقِيلَة وَلَا الْخَفِيفَة. قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن فِي هَلُمَّ لغتين إِحْدَاهمَا وَهُوَ قولُ أهل الْحجاز ولغةُ التَّنْزِيل أَن تكون فِي جَمِيع الْأَحْوَال الْمُذكر والمؤنث والواحدِ والاثنين وَالْجَمَاعَة من الرجالِ والنساءِ على لفظٍ واحدٍ لَا تظهر فِيهِ علامةٌ لتثنيةٍ وَلَا جمعٍ كَقَوْلِه تَعَالَى: (هَلُمَّ إلَيْنا) . فَيكون بِمَنْزِلَة رُوَيْدَ وصَهْ ومَهْ ونحوِ ذَلِك من الْأَسْمَاء الَّتِي سُمِّيَت بهَا الأفعالُ وتستعمل للْوَاحِد والجميع والتأنيث والتذكير على صورةٍ واحدةٍ وَالْأُخْرَى أَن تكون بِمَنْزِلَة رُدَّ فِي ظُهُور عَلَامَات الفاعلينَ على حسَب مَا يظْهر فِي رُدَّ وسائرِ مَا أشبههَا من الْأَفْعَال وَهِي فِي اللغةِ الأُولى وَفِي اللُّغَة الثانيةِ إِذا كَانَت للمخاطَب مبنِيَّةٌ مَعَ الْحَرْف الَّذِي بعْدهَا على الْفَتْح كَمَا أنّ هَل تفعَلَنّ مبنيٌّ مَعَ الْحَرْف على الْفَتْح وَإِن اخْتلف موقِعُ الحرفين فِي الْكَلِمَتَيْنِ فَكَانَ الْحَرْف فِي إِحْدَاهمَا مقدَّماً وَفِي الأُخرى مؤخرَّاً وَلم يمنعهما من الِاجْتِمَاع فِيمَا اجْتمعَا لَهُ من كَونهمَا مَعَ الحرفين مبنِيَّيْن على الْفَتْح فَأَما الْهَاء اللاحِقُ لَهَا أَولا فَهِيَ من هَا الَّتِي للتّنْبِيه لَحِقَت أوّلاً لأنَّ لَفْظَ الْأَمر قد يحْتَاج إِلَى أَمر المأمورِ واستدعائِه لإقبالِه على الأمرِ فَهُوَ لذَلِك مثل المنادى وَمن ثَمَّ دخل حرفُ التَّنْبِيه فِي قَوْله تَعَالَى: (ألاّ يَسْجُدوا) . أَلا ترى أَنه أَمر كَمَا أَن هَذَا أَمر وَقد دخل هَذَا الحرفُ فِي جمل أُخَر نَحْو: (هَا أنتُم هؤلاءِ جادَلْتُم عَنْهُم) . فَكَمَا دخل فِي هَذِه الْمَوَاضِع كَذَلِك لَحِقَ لُمَّ إِلَّا أَنه كَثُر الِاسْتِعْمَال مَعهَا فغُيِّر بالحذف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كأشياء تُغَيَّر لذَلِك بالحذف نَحْو لم لأُبَلْ وَلَا أَدْرِ وَلم يَكُ وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يُغيَّر للكثرةِ وَقد قَرَأَ بعض الْقُرَّاء هَأَنْتم هَؤُلَاءِ فَحذف هَذِه الألفَ فَإِذا حذفَها فِي هَذَا الْموضع مَعَ أَنه لم يكثُر كثرةَ مَا علمتك كَانَ حذفُه هُنَاكَ أجدَرَ وَلَا يستقيمُ لمن ضَعُف نظرُه أَن يستدلَّ بِحَذْف هَذِه الْألف على أَنَّهَا فِي الْحُرُوف زائدةٌ أَلا ترى أَن الْحَذف قد لَحِقَ مَا أعلمتك من الأُصول لكثرةِ الاستعمالِ وَمَا مُحال أَن يكون زَائِدا فَكَذَلِك الألفُ هُنَا وَمِمَّا حَسَّن حذفَ الألفِ من هَا فِي هَلُمَّ أَنَّهَا فِي موضِعٍ كَانَ يجب أَن تسقُطَ فِي الأَصْل لالتقاء الساكنين أَلا ترى أَن فاءَ افْعُلْ كَانَت فِي موضِع سكونٍ قبل الإدغامِ وَقد نجِد الْحَرَكَة الَّتِي تُلْقى عَن الْحَرْف لحرف غَيره لَا يخرجُ الْحَرْف بهَا عَن أَن يكون فِي نِيَّة سكونٍ يدُلُّك على ذَلِك تركُهم قلبَ الْوَاو فِي مَوَلةٍ فحسُن الحذفُ لسُكون الألفِ وَلِأَن الْفَاء كأنَّها ساكنةٌ كَمَا كَانَت الْوَاو فِي مَوَلَةٍ كَأَنَّهَا ساكنةٌ وَلَوْلَا ذَلِك لوجَبَ الإعلال والقلبُ فَمن حيثُ لم يجِبِ القلبُ حسُن الحذفُ فِي الْألف من هَلُمَّ وحسُن الحذفُ فِيهَا أَيْضا لِكَوْنِهِمَا كالكلمة الْوَاحِدَة كَأَنَّهُمَا لما بُنيا على الْفَتْح صَارا من الْأَسْمَاء كخمسةَ عشرَ وَمِمَّا يدل على أَنَّهُمَا كالكلمة الواحة أَنهم اشتَقُّوا مِنْهُمَا جَمِيعًا فِعلاً كَمَا يُشْتَقُّ من الْحَرْف المفرَد. قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا قَالَ لكَ هَلُمَّ فَقل لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute