للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استجب يَا ربَّنا كَمَا وَقع صَهْ ومَهْ فِي معنى اسكتْ وكُفَّ وَفتح لالتقاء الساكنين وَلم يُكْسر استثقالاً للكسرة مَعَ الْيَاء كَمَا قَالُوا مُسلمينَ. وَمِمَّا جَاءَ من الاسمين اللَّذين جُعِلا اسْما وَاحِدًا وَآخر الأوّل مِنْهُمَا يَاء مكسورٌ مَا قبلهَا مَعْدي كَرِبَ وأيادي سَبا وقالي قَلا وثماني عشْرَةَ وبادي بَدا فَأَما معدي كَرِبَ فاسمٌ علَمٌ وَفِيه لُغَات يُقَال مَعدي كَرِبُ ومَعْدي كَرِبٍ ومَعدي كَرِبَ فَأَما من قَالَ معدي كَرِبُ فَإِنَّهُ جعله اسْما وَاحِدًا وَجعل الْإِعْرَاب فِي آخِره وَمنعه الصّرف للتعريف والتركيب وَسَوَاء فِي هَذَا الْوَجْه قدَّرته مُذَكَّراً أَو مؤَنَّثاً، وَمن قَالَ معدي كَرِبٍ أضَاف معدي إِلَى كَرِبٍ وَجعل كرِباً اسْما مذكّراً، وَمن قَالَ معدي كَرِبَ على كلّ حالٍ فَإِنَّهُ على وَجْهَيْن الأوّل أَن يجعلهما اسْما وَاحِدًا فَيكون مثل خمسةَ عشَرَ كَانَا مبنِيَّيْن على الْفَتْح قبل التَّسْمِيَة ثمَّ حُكِيا فِي التَّسْمِيَة وَالثَّانِي أَن يُجعلَ مَعدي مُضافاً إِلَى كَرِبَ وَيجْعَل كَرِبَ اسْما مؤَنَّثاً معرفَة. وَأما قالي قَلا فإنَّك تَجْعَلهُ غير منوَّن على كلِّ حَال إلاّ أَن تجْعَل قالي مُضَافا إِلَى قَلا وتجعلَ قلا اسْم مَوضِع مذكّر فتُنَوِّنه. وَأما أيادي، وَأما أيادي سَبا فَفِيهِ لُغَتَانِ أيادي سَبا وأيْدي سَبَا وَقد تقدم مني الشَّرْح فِيهِ بِمَا فِيهِ كفايةٌ. وَأما ثَمَانِي عشْرَةَ فقد تقدّمت فِي مبنيات الْعدَد. وَأما بَادِي بدا فَيُقَال بدديْ بَدَا وبادي بِدا وبادِئَ بَدْءٍ وبادِئَ بَدِئٍ وبادي بَدِيٍّ لَا يهمز وَمَعْنَاهُ أوّلَ كلِّ شيءٍ وَإِنَّمَا سكِّنت الْيَاء من أَوَاخِر هَذِه الْأَسْمَاء لِأَن الاسمين إِذا جُعلا اسْما وَاحِدًا وَكَانَ الأول مِنْهُمَا صَحِيح الآخر بُنيا على الْفَتْح لأنَّه أخفُّ الحركات وَقد علمْتَ أَن الْيَاء َ المكسورَ مَا قبلهَا أثقل من الْحُرُوف الصَّحِيحَة فأُعطِيَت أخفَّ مِمَّا أُعطِيَ الْحَرْف الصَّحِيح وَلَا أخفَّ من الفتحة إِلَّا السكونُ فاعرفه. وَمن ذَلِك قَوْلهم وقَع النَّاس فِي حَيْصَ بيْصَ وحيصِ بيصِ وحِيصَ بِيصَ وَقد حُكيَ فِي هَذَا كُله التَّنْوِين مَعَ كسرة الصَّاد وَيجوز أَن يكون حيص مُشتقّاً من قَوْلهم حاصَ يحيصُ: إِذا فرَّ، وبَيْصَ من باصَ يبوصُ: إِذا فاتَ لِأَنَّهُ إِذا وَقع الِاخْتِلَاط والفتنة فَمن بَين من يحيص عَنْهَا أَو يبوصُ مِنْهَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال حَيْصَ بوْصَ غير أَنهم أَتبعوا الثانيَ الأوَّلَ وَله نَظَائِر وَقد قدّمتها. وَالَّذِي أوجبَ بِنَاء حَيصَ بَيْصَ تَقْدِير الْوَاو فِيهَا كَأَنَّك قلت فِي حَيْصٍ وبَيْصٍ وَالْكَسْر لالتقاء الساكنين فِيمَن قَالَ حَيْصِ بَيْصِ وَإِن شِئْت قلت هِيَ صوتٌ ضُورِعَ بِهِ غاقِ. وَمن ذَلِك قَوْلهم ذهب النَّاس شَغَرَ بَغَرَ: إِذا تفرّقوا تفرُّقاً لَا اجْتِمَاع بعده، وَذهب النَّاس شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ وشَذَرَ بَذَرَ وشِذَرَ بِذَرَ وكلُّه فِي معنى التفرُّق الَّذِي لَا اجْتِمَاع بعده وَإِنَّمَا بنيت هَذِه الْحُرُوف لِأَن فِيهَا معنى الْوَاو كَأَنَّهُ فِي الأَصْل ذهب النَّاس شَغَراً وبَغَراً فَلَمَّا حذفت الْوَاو بنيا على الْفَتْح مثل خمسةَ عشَر، وشَغَرَ بَغَرَ مشتقٌّ من قَوْلهم شَغَرَ الكلبُ: إِذا رفع إِحْدَى رجلَيْهِ فباعدها من الْأُخْرَى، وبَغَرَ من قَوْلهم بغَرَ الرجل: إِذا شرب فَلم يَرْوَ لما بِهِ من شدَّة الْحَرَارَة فجُعل مَعَ شغَرَ فِي التَّفَرُّق الَّذِي لَا اجْتِمَاع بعده كَمَا يكون البَغَر فِي الْعَطش الَّذِي لَا رِيَّ مَعَه، وَسَائِر هَذِه الْحُرُوف فِيهَا معنى الْوَاو على مَا قدَّرت لَك فِي شغَرَ بَغَر. وَمن ذَلِك قَوْلهم ذهب فلانٌ بينَ بينَ وَالْمعْنَى بَين هَذَا وَبَين هَذَا فَلَمَّا أُسقِطت الْوَاو بُنِيا. وَمن ذَلِك قَوْلهم لَقِيتُه صباحَ مساءَ ولستَ تَعْنِي صباحاً بِعَيْنِه وَمَعْنَاهُ صباحاً وَمَسَاء فَلذَلِك بُنيا حِين تضمَّنا الْوَاو، وَإِن شِئْت فقلتَ صباحَ مساءٍ وَإِنَّمَا سوَّغ الْإِضَافَة فِيهِ أَن الْمَعْنى صباحاً مقترناً بمساءٍ فَوَقَعت الْإِضَافَة على هَذَا فَإِن أدخلت حرف الجرِّ لم يكن إِلَّا الجرُّ وَلَيْسَ كَذَلِك خَمْسَة عشَرَ وأخَواتها لِأَن الْوَاو فِي تِلْكَ مَنْوِيَّة على كل حَال دخله حرفُ الجرِّ أَو لم يدْخلهُ، وصباحَ مساءَ قد كَانَ يضافُ قبل حرف الجرِّ فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>