للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفِعْل على فَعِلَ يَفْعَلُ وَذَلِكَ ظَمِئَ يَظْمَأُ ظَمَأً وَهُوَ ظَمْآَن وعَطِشَ يَعْطَش عَطَشَاً وَهُوَ عَطْشَانُ وصَدِيَ يَصْدَى صَدَىً وَهُوَ صَدْيَانُ، وَقَالُوا الظَّماءة كَمَا قَالُوا السَّقَامة لِأَن المعنيَيْن قريبٌ كِلَاهُمَا ضَرَرٌ على النَّفْس وأذىً وغَرِثَ يَغْرَثُ غَرَثَاً وَهُوَ غَرْثَانُ وعَلِهَ يَعْلَهُ عَلَهَاً وَهُوَ عَلْهَان: وَهُوَ شدَّةُ الغَرَث والحِرْصِ على الْأكل وَتقول عَلِهٌ كَمَا تَقول عَجِلٌ وَمَعْنَاهُ قريب من وَجِعَ وَقَالُوا طَوِيَ يَطْوَى طَوَىً وَهُوَ طَيَّان وَمَعْنَاهُ الجوعُ، قَالَ عنترة: وَلَقَد أَبيتُ على الطَّوى وأَظَلُّه حَتَّى أنالَ بِهِ كَريمَ المَأْكَلِ وَبَعض الْعَرَب يَقُول الطِّوى فيبْنيه على فِعَلٍ لِأَن زِنَة فِعَلٍ وفَعَلٍ شيءٌ واحدٌ وَلَيْسَ بَيْنَهما إِلَّا كسرةُ الأول وضدُّ مَا ذكرنَا يَجِيء على مَا ذكرنَا وَهُوَ قَوْلهم شَبِعَ يَشْبَع شِبَعاً وَهُوَ شَبْعَانُ كسروا الشِّبَع كَمَا قَالُوا الطِّوى وشبَّهوه بالكِبَر والسِّمَن حَيْثُ كَانَ بِنَاء الْفِعْل وَاحِدًا وَقَالُوا رَوِيَ يَرْوَى رِيَّاً وَهُوَ رَيَّانُ فأدخلوا الفِعْل فِي هَذِه المصادرِ كَمَا أدخلُوا الفُعْل فِيهَا حِين قَالُوا السُّكْر أَعنِي الرِّيّ وزْنه فِعْل وَدخل فِي هَذَا الْبَاب وَلَيْسَ بمطَّرِد فِيهِ ولقائلٍ أَن يقولَ هُوَ فُعْل وكُسِر من أجلِ الياءِ كَمَا قَالُوا قَرْنٌ أَلْوَى وقُرون لِيٌّ ولُيٌّ وَفِي السُّكْر ثلاثُ لُغَات: يُقَال: السُّكْر والسُّكُر والسَّكَر وَحكى الْأَخْفَش السَّكْر ومثلُه خَزْيَانُ والمصدر الخِزْي والرِّيِّ كاتفاق خَزِيَ يَخْزَى وَهُوَ خَزْيَانُ ورَوِيَ يَرْوَى وَهُوَ رَيَّان وَقد جَاءَ شيءٌ من هَذَا على بَاب خَرَجَ يَخْرُج قَالُوا سَغَبَ يَسْغُب سُغْباً وَهُوَ ساغِبٌ كَمَا قَالُوا سَفَلَ يَسْفُل سُفْلاً وَهُوَ سافِلٌ وَمثله جاعَ يجوع جُوعاً وَهُوَ جائِعٌ وناعَ ينوعُ نُوعاً وَهُوَ نائِعٌ، قَالَ بَعضهم: النائع: المتألِّم من الْجُوع، وَقَالَ بَعضهم هُوَ المائلُ من الْجُوع وَقَالَ بَعضهم نائِعٌ إتْباع لجائع ونُوعاً إتْباع لجُوع وَقَالَ بَعضهم النائع: العطْشان، قَالَ الشَّاعِر: لَعَمْرُ بَني شِهابٍ مَا أَقَامُوا صُدُور الْخَيل والأسد الغباعا وَقَالُوا جوعان فأدخلوها هُنَا على فَاعل لِأَن مَعْنَاهَا معنى غرثان قَالَ الشَّاعِر: لَو أنني جَاءَنِي جوعان مهْتَلِكٌ من جُوَّعِ الناسِ عنْه الخيْرُ مَحْجوزُ فجَاء بجَوْعان وجُوَّعٍ وَهُوَ جمعُ جَائِع وَقَالُوا من العطَش أَيْضا هامَ يَهيمُ هَيْمَاً وَهُوَ هائمٌ وَقَالُوا هَيْمَان لِأَن مَعْنَاهُ عَطْشَان وَمثل هَذَا قَوْلهم ساغِبٌ وسِغابٌ مثل جَائِع وجِياع وهائِم وهِيام لمَّا كَانَ الْمَعْنى معنى عِلاهٍ وعِطاشٍ بُني على فِعال وَقَالُوا سَكِرَ يَسْكَر سَكَرَاً وسُكْراً. وَقَالَ أَبُو الْحسن: فِيهَا ثَلَاث لُغات وَقد تقدم ذَلِك وَقَالُوا سَكْرَانُ لمَّا كَانَ من الامتلاء جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَة شَبْعَان وَمثل ذَلِك مَلآنُ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَزعم أَبُو الخطَّاب أَنهم يَقُولُونَ مَلِئْت من الطَّعَام كَمَا قَالُوا شَبِعْت وسَكِرْت وَقَالُوا قَدَحٌ نَصْفَانُ وجُمْجُمَةٌ نَصْفَى والجُمْجُمَة قَدَحٌ أَيْضا وَقَدَحٌ قَرْبَانٌ وجُمْجُمَة قَرْبَى: إِذا قاربَ الامتلاءَ جعلُوا ذَلِك بِمَنْزِلَة الملآنِ لِأَن ذَلِك مَعْنَاهُ معنى الامتلاءِ لِأَن النِّصْف قد امتلأَ والقَرْبانُ ممتَلِئٌ أَيْضا إِلَى حَيْثُ بَلَغَ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلم نَسْمَعهم قَالُوا قَرِبَ وَلَا نَصِفَ اكتفَوا بقارَبَ وناصَف وَلَكنهُمْ جاؤا بِهِ كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَرِبَ ونَصِفَ كَمَا قَالُوا مَذاكيرُ وَلم يَقُولُوا مِذْكير وَلَا مِذْكارٌ وكما قَالُوا أَعْزَلُ وعُزْلٌ وَلم يَقُولُوا أعزِلٌ، قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن أَعْزَل وَإِن كَانَ على لفْظِ أَحْمَرَ فَلم يُذْهَب بِهِ مَذْهَبَ أَحْمَرَ لِأَنَّهُ لَا مؤنَّثُ لَهُ فَذَهَبُوا بِهِ مَذْهَب الأسماءِ كأَفْكَلٍ وأَيْدَعٍ وَلم يجمَعوه كجمْع الأسماءِ فِي هَذَا الوَزْن لم يَقُولُوا أعازِلُ كَمَا قَالُوا أَفاكِلُ وَقَالُوا عُزْل كأنَّهم قدَّروا أَعْزَلَ وعَزْلَاء مثل أَحْمَرَ وحَمْرَاءَ وَإِن لم يستعمِلوه كَمَا قَالُوا فِي جمع ذَكَر مَذاكيرُ على تَقْدِير أَن الْوَاحِد مِذْكار أَو مِذْكير وَإِن لم يستعمِلوه وَقَالُوا عُزْل على أنَّ الْوَاحِد عازلٌ وإنْ لم يستعملوه، قَالَ الشَّاعِر:

<<  <  ج: ص:  >  >>