وَذَلِكَ نَحْو ازْرَاقَّ واخْضارَّ واصْفارَّ واحْمارَّ واشْرابَّ وابْياضَّ واسْوادَّ وابْيَضَّ واخْضَرَّ واحْمرَّ واصْفَرَّ أكثرُ فِي كَلَامهم والأصلُ ذَلِك إِلَّا أَنه كثُر فحذفوه فكلٌّ يذهب إِلَى أَن الأصلَ افْعالَّ وَهُوَ احْمارَّ واسْوادَّ ثمَّ حُذِف فَقَالُوا احْمَرَّ واسْوَدَّ والمحذوف الَّذِي ذكره أكثرُ فِي الْكَلَام وفَعِلَ فِيمَا ذكره بعض النَّحْوِيين مَحْذُوف عَن افعَلَّ واستدَلَّ على ذَلِك أَنهم يَقُولُونَ عَوِرَ وحَوِلَ فَلَا يُعِلُّون الواوَ لِأَنَّهُ فِي معنى اعْوَرَّ واحْوَلَّ وهما لَا يَعْتَلَاّنِ والوجهُ عِنْد أبي عَليّ أَنه لم يُعَلَّ عَوِرَ وحَوِلَ لِأَنَّهُ فِي معنى فِعْل لَا يَعْتَلُّ إِلَّا أَنه مَحْذُوف عَنهُ كَمَا قَالُوا اجْتَوَرَ فَلم يُعِلُّوه لِأَنَّهُ فِي معنى تَجاوروا، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا الصُّهُوبة شبَّهوا ذَلِك بأَرْعَنَ والرُّعونة وَقَالُوا البَياض والسَّواد كَمَا قَالُوا الصَّباح والمَساء لِأَنَّهُمَا لَوْنَانِ بمنزلتهما لِأَن المَساء سَوادٌ، وَقد جَاءَ شيءٌ من الألوان على فعْل قَالُوا جَوْن ووَرْدَ والوَرْد الفَرس: الأصْفَر اللَّون، والجَوْن: الأَسْود وجاؤا بمصدره على مصدرِ بِنَاء أَفْعَلَ وَذَلِكَ قولُهم الوُرْدة والجُوْنة وَإِنَّمَا قَالُوا وَرْد وجَوْن على حذْف الزَّوائِدِ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد جَاءَ شيءٌ مِنْهُ على فَعيل وَذَلِكَ خَصيف وَقَالُوا أَخْصَفُ وَهُوَ أَقْيَسُ والخَصيف: الْأسود وَمَا كَانَ من هَذِه المصادرِ على غير فُعْلة أَو فَعَلٍ فَهُوَ من الشاذِّ أَيْضا الَّذِي لَا يطَّرِد، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد يُبْنى على أَفْعَلَ وَيكون الفِعل فَعِلَ يَفْعَل والمصدر فعَلاً مَا كَانَ دَاء أَو عَيْبَاً لِأَن العَيْب نحوُ الداءِ فَفَعَلُوا ذَلِك كَمَا قَالُوا أَجْرَبُ وأَنْكَدُ وَذَلِكَ قَوْلهم عَوِرَ يَعْوَر عَوَرَاً وأَدِرَ يَأْدَر أَدَرَاً وَهُوَ آدِر وشَتِرَ يَشْتَر شَتَرَاً وَهُوَ أَشْتَروحَبِنَيَحْبَن حَبَنَاً وَهُوَ أَحْبَنُ والأَحْبَن: المنتفخ البطنِ من الاسْتِسْقَاء وصَلِعَ يَصْلَع صَلَعَاً وَهُوَ أَصْلَعُ وَقَالُوا رجل أَجْذَمُ وأَقْطَعُ فكأنَّ هَذَا على قَطِعَ وجَذِمَ وَإِن لم يُستعمَل وَقد يُقَال لموضِع القَطْع القُطْعة والقَطَعة والجُذْمة والجَذَمة والصُّلْعة والصَّلَعة للموضع وَقَالُوا امرأةٌ سَتْهَاءُ وَرجل أَسْتَهُ فجاؤا بِهِ على بِنَاء ضِدِّه وَهُوَ قَوْلهم أَرْسَحُ ورَسْحَاءُ وأَخْرَمُ وخَرْمَاءُ وَهُوَ الخَرَم والأرْسَحُ: ضِدُّ الأَسْته لِأَن الأرْسَح الْمَمْسُوح العَجُز وَكَذَلِكَ الأَزَلُّ والأَرْصَع والأَخْرَمُ: المقطوعُ الأنفِ وَقَالُوا أَهْضَمُ وهَضْمَاءُ والمصدر الهَضَم: عيْبٌ فِي الْخَيل والأَهْضَمُ: الَّذِي لَيْسَ بمُجْفَرِ الوَسَط وَهُوَ صِغَرُ البطنِ، قَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي: خِيطَ على زَفْرَةٍ فتَمَّ ولَمْ يَرْجِعْ إِلَى دِقَّةٍ وَلَا هَضَمِ وَقَالُوا أَزْبَرُ وأَغْلَبُ، والأَغْلَبُ: الْعَظِيم الرَّقَبَة، والأَزْبَر: الْعَظِيم الزُّبْرة وَهِي مَوضِع الْكَاهِل فجاؤا بِهَذَا النَّحْو على أَفْعَلَ كَمَا جَاءَ على أَفْعَلَ مَا يكْرهُونَ وَقَالُوا آذَنُ وأذْناءُ كَمَا قَالُوا سَكَّاء، والآذَن: العظيمُ الأُذُن، والأَسَكُّ: الصَّغِير الأُذُن جِدَّاً، وَقَالُوا أَخْلَقُ وأَمْلَسُ وأَجْرَدُ والأَخْلق: الأمْلَس ... . لمسه وَقَالُوا الخَشِن: وَهُوَ ضدُّ الأمْلَس وَقَالُوا الخُشْنة كَمَا قَالُوا الحُمْرة والخُشونة كَمَا قَالُوا الصُّهوبة، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَاعْلَم أَن مؤنَّثَ كلِّ أَفْعَلَ صِفَةً فَعْلَاءُ وَهِي تجْرِي فِي الْمصدر والفِعلِ مَجْرَى أَفْعَلَ وَقَالُوا مالَ يميلُ وَهُوَ مائِلٌ وأَمْيَلٌ فَلم يجيئوا بِهِ على مالَ يَميل يُرِيد أَن أَفْعَلَ لَيْسَ بابُ فِعله أَن يكونَ على فَعَلَ يفْعل وَذَلِكَ أَن أَمْيَل أَفْعَلُ وفعلُه مالَ يَميلُ وَكَانَ حَقه أَن يكون مَيَلَ يَميلُ مَيَلاً وَإِنَّمَا حكى سِيبَوَيْهٍ مالَ يَميل ومثلُ هَذَا شابَ يَشيبُ فَهُوَ أَشْيَبُ وَلَيْسَ ذَلِك بِالْقِيَاسِ وَقد حكى غيرُ سِيبَوَيْهٍ مَيِلَ يَميلُ مَيَلاً فَهُوَ أَمْيَلُ كَمَا قَالُوا جَيِدَ يَجْيَد جَيَدَاً فَهُوَ أَجْيَدُ وَقَالُوا فِي الأَصْيَد صَيِدَ يَصْيَد صَيَدَاً وَقَالُوا شابَ يَشيبُ كَمَا قَالُوا شاخَ يَشيخ وَقَالُوا أَشْيَبُ كَقَوْلِهِم أَشْمَطُ فجاؤا بِالِاسْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute