للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَحْدُث والمَطْلِع لَيْسَ بحادث فِي آخر الليلِ لِأَنَّهُ الموضِعُ، وَقَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: (ويَسْئَلونَكَ عَن المَحيضِ قُل هُوَ أَذَى فاعتَزِلوا النِّساءَ فِي المَحيض) . أَي فِي الْحيض وَقَالُوا المَعْجِز يُرِيدُونَ العَجْز وَقَالُوا المَعْجَز على الْقيَاس وَقد جعل الزجَّاج هَذَا الْبَاب فِي مَعَاني الْقُرْآن مُطَّرِداً عِنْد ذكره ويسئَلونَكَ عَن المَحيض. وردَّ عَلَيْهِ الْفَارِسِي بقول سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب وَذَلِكَ أَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَرُبمَا بَنَوْا المَصْدَر مَفْعِل ثمَّ أتبع ذَلِك بِأَن قَالَ إِلَّا أَن تَفْسِير البابِ وجملَتَه على الْقيَاس كَمَا أَرَيْتك فقد تبيَّن لَك من قَول سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا يُتجاوَز بِهِ المسموع وَرُبمَا ألْحقُوا هاءَ التَّأْنِيث فَقَالُوا المَعْجِزة والمَعْجَزة كَمَا قَالُوا المَعيشة وَكَذَلِكَ يُدخِلون الْهَاء فِي الْمَوَاضِع قَالُوا المَزِلَّة أَي مَوضِع زَلَل وَقَالُوا المَعْذَرة والمَعْتَبة فألحقوا الهاءَ وفتحوا على الْقيَاس لِأَنَّهُ مَصْدَر وَقَالُوا المَصِيف كَمَا قَالُوا أتتِ الناقةُ على مَضْرِبها: أَي على زمَان ضِرابِها والمَصيف زمَان وَقَالُوا المَشْتاة فأنَّثوا وفتحوا لِأَنَّهُ من يَفْعُل وَمَا كَانَ على فَعَلَ يَفْعُل فاسمُ المكانِ مِنْهُ مَفْعَل كَمَا يُقَال مَقْتَل لِأَنَّهُ من قَتَلَ يَقْتُل وَقَالُوا فِي هَذَا شَتا يَشْتو وَقَالُوا المَعْصِيَة والمَعْرِفة كَقَوْلِهِم المَعْجِزَة وَرُبمَا استغْنَوا بالمَفْعِلة عَن غَيرهَا وَذَلِكَ قَوْلهم المَشيئة والمَحْمِيَة وَقَالُوا المَزِلَّة وَقَالَ الرَّاعِي: بُنِيَتْ مَرافِقُهُنَّ فَوْقَ مَزِلَّةٍ لَا يَسْتَطيعُ بهَا القُرادُ مَقيلا يُرِيد قَيْلُولة. وَأما مَا كَانَ يَفْعَل مِنْهُ مَفْتُوحًا فَإِن اسمَ المكانِ مَفْعَل وَذَلِكَ قولُك شَرِبَ يَشْرَب وَتقول للمكان مَشْرَبٌ ولَبِسَ يَلْبَس وَالْمَكَان المَلْبَس وَإِذا أردْت المَصْدَر فَتَحْته أَيْضا كَمَا فَتَحْته فِي يَفْعِل فَإِذا جَاءَ مَفْتوحاً فِي المكسور فَهُوَ فِي المَفْتوح أَجْدَرُ أَن يُفتَح وَقد كُسِر المَصْدَر كَمَا كُسِر فِي الأول قَالُوا عَلاه المكبِر وَيَقُولُونَ المَذْهَب للمكان وَتقول أردْت مَذْهَباً: أَي ذَهاباً فتفتح لِأَنَّك تَقول يَذْهَب وَقَالُوا مَحْمِدة فأنَّثوا كَمَا أنَّثوا الأول وكَسروا كَمَا كسروا المَكْبِر فَإِذا جَاءَ المَفْعِل مَصْدَر فَعَلَ يَفْعِل كانَ فِي فَعِلَ يَفْعَل أَوْلَى وَكَذَلِكَ فِي فَعُلَ فَعْلُ وَقد مضى الْكَلَام فِي نَحْو ذَلِك. وَأما مَا كَانَ يَفْعُل فِيهِ مضموماً فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا كَانَ يَفْعَل مِنْهُ مَفْتُوحًا وَلم يَبْنُوه على مِثَال يَفْعُل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام مَفْعُلٌ فَلَمَّا لم يكن إِلَى ذَلِك سبيلٌ وَكَانَ مصيرُه إِلَى إِحْدَى الحركتَيْن ألزموه أخفَّها وَذَلِكَ قَتَلَ يَقْتُل وَهَذَا المَقْتَل وقامَ يَقْوُم وَهَذَا المَقام وَقَالُوا أَكْرَه مقالَ الناسِ ومَلامَهُم وَقَالُوا المَلامَة والمقامَة وَقَالُوا المَرَدُّ والمَكَرُّ يُرِيدُونَ الردَّ والكُرور وَقَالُوا المَدْعاة والمَأْدَبة يُرِيدُونَ الدُّعاء إِلَى الطَّعَام وَقد كسروا المَصْدَر كَمَا كسروا فِي يَفْعِل فَقَالُوا أَتَيْتُك عندَ مَطْلِع الشمسِ: أَي عِنْد طُلوع الشَّمْس وَهَذِه لُغَة بني تَمِيم وَأما أهل الْحجاز فيَفْتَحون وَقد كسروا الأماكنَ أَيْضا فِي هَذَا كَأَنَّهُمْ أدخلُوا الكَسْر أَيْضا كَمَا أدخلُوا الفَتْح. قَالَ أَبُو عَليّ: اعْلَم أَن مَذْهَبَ الْعَرَب فِي الأماكنِ والأزمنةِ كَأَنَّهُمْ يبنونها من لفظ مستقْبَل فَقَالُوا فِيمَا كَانَ المستَقْبَل مِنْهُ يَفْعَل المَلْبَس والمَشْرَب والمَذْهَب وَكَانَ يلْزم على هَذَا أَن يُقَال فِيمَا المستقبَل مِنْهُ يَفْعُل مَفْعُل فَيُقَال فِي الْمَكَان من قتل يَقْتُل مَقْتُل وَمن قَعَدَ يَقْعُد مَقْعُد غير أَنهم عدَلوا عَن هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام مَفْعُل إِلَّا بِالْهَاءِ كَقَوْلِك فِي مَكْرُمة ومَيْسُرة ومَقْبُرة ومَشْرُبة فعدلوا إِلَى أحدِ اللفظينِ الآخريْن وهما مَفْعِل أَو مَفْعَل فَاخْتَارُوا مَفْعَلاً لِأَن الْفَتْح أخفُّ وَقد جَاءَت عَن العربِ أحدَ عَشَرَ حرفا على مَفْعِل مِمَّا فِعله على فَعَلَ يَفْعُل وَهِي مَنْسِك ومَجْزِر ومَنْبِت ومَطْلِع ومَشْرِق ومَغْرِب ومَسْجِد ومَسْقِط ومَفْرِق ومَسْكِن ومَرْفِق كَأَنَّهُمْ حملُوا يَفْعُل على يَفْعِل لِأَنَّهُمَا أخَوان. وَقد ذكر بعض الْكُوفِيّين أَنه قد جَاءَ مَفْعُل وَأنْشد فِي ذَلِك: ليَوْمٍ رَوْعٍ أَو فَعال مَكْرُمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>