أُقاتِلُ حَتَّى لَا أرى لي مُقاتَلاً وأنجو إِذا يَنْجُ إِلَّا المُكَيَّس وَقَالَ فِي الْمَكَان هَذَا مُوَقَّانا، وَقَالَ رؤبة: إنَّ المُوَقَّى مثلُ مَا وِقّيتُ يُرِيد التَّوقِيَة وَكَذَلِكَ هَذِه الأشياءُ وَأما قَوْله دَع مَعْسُورَه إِلَى مَيْسُورِه فَإِنَّمَا يجيءُ هَذَا على المَفْعول كَأَنَّهُ قَالَ دَعْهُ إِلَى أمرٍ يُوسَرُ فِيهِ أَو يُعْسَر فِيهِ وَكَذَلِكَ المَرْفوع والمَوْضوع كَأَنَّهُ يَقُول لَهُ مَا يَرْفَعُه وَله مَا يضَعُه وَكَذَلِكَ المَعقول كَأَنَّهُ قَالَ عُقِلَ لَهُ شيءٌ: أَي حُبِس لَهُ لُبُّه وشُد ويُستغنى بِهَذَا عَن المَفْعل الَّذِي يكون مَصْدَراً لِأَن فِي هَذَا دَلِيلا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عَليّ: _ وَلَا أَدْرِي أَيْن ذَكَرَه غير أَنِّي عَلَّقْته من لَفظه _ اعْلَم أَن المَفْعول عِنْد بعضِ النَّحْوِيين يجوزُ أَن يكونَ مَصْدَراً وَجعلُوا هَذِه المفعولات الَّتِي ذكرهَا سِيبَوَيْهٍ مصادرَ فالميسور عندَهُم بِمَنْزِلَة اليُسْر والمَعْسور كالعُسْر والمَرْفوع والمَوْضوع والمَعْقول كالرَّفْع والوَضْع والعَقْل وَقَالُوا فِي قَوْله عز وَجل: (بأيِّكُم المَفْتون) . أَي بأيكم الفِتْنَة وَكَلَام سِيبَوَيْهٍ يدلُّ أَنَّهَا غير مصَادر وَأَنَّهَا مفعولات ... . هَذَا وقتٌ مَضْروبٌ فِيهِ زيدٌ وعَجِبْت من زَمانٍ مَضْرُوبٍ فِيهِ زيدٌ وَجعل المرفوعَ والموْضوعَ هُوَ الَّذِي يَرْفَعُه الإنسانُ ويضعه تَقول هَذَا مَرْفُوعُ مَا عِنْدِي ومَوْضُوعه: أَي مَا أَرْفَعُه وأضعُه وجعلَ المعقولَ مشْتَقَّاً من قَوْلك عُقِلَ لَهُ: أَي شُدَّ لَهُ وحُبِس فكأنّ عَقْلَه قد حُبِس لَهُ وشُدَّ واستُغني بِهَذِهِ المَفْعولات الَّتِي ذَكَرْنا عَن المَفْعَل الَّذِي يكونُ مَصْدَراً لِأَن فِيهَا دَلِيلا على المَفْعَل. وَقَالَ بعض أهل الْعلم فِي قَوْله عز وَجل: (بأيِّكم المَفْتون) . إِن الباءَ زَائِدَة وَمَعْنَاهُ أيُّكم الْمفْتُون ومثلُه فِي زِيَادَة الْبَاء قولُه تَعَالَى فِي بعض الْأَقَاوِيل: (تُنْبِتُ بالدُّهْن) . أَي تُنْبِتُ الدُّهْن، وَقَالَ الشَّاعِر: هُنَّ الحَرائرُ لَا رَبَّاتُ أَحْمِرةٍ سودُ المَحاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ أَي لَا يَقْرَأْنَ السُّورَ وَيجوز فِي قَوْله بأيِّكُم الْمفْتُون قولٌ آخر وَهُوَ أنَّ الْكفَّار قَالُوا إِن النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم مَجْنُون وَإِن بِهِ جِنِّيَّاً فَرد الله عز وجلَّ ذَلِك عَلَيْهِم وتوَّعدهم فَقَالَ: (فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرون بأيِّكُم المَفْتون) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute