للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستُثْقِلَت فِيهَا الْوَاو فأُبدِلت يَاء وَقَالُوا فِي الكِبا كِبَوَان والكِبا: الكُناسة مَقْصُور. حكى أَبُو الْخطاب عَن أهل الْحجاز أَنهم يَقُولُونَ فِي تثنيته كِبَوَانِ والكِباء مَمْدُود: الْعود يُتَبَخَّر بِهِ وَتقول فِي عَشا العَيْن عَشَوَان لِأَن الْألف منقلبة عَن وَاو تَقول امْرَأَة عَشْوَاء وَقَالُوا رجلٌ أَعْشَى وقومٌ عُشْوٌ وَلَو سمَّيْت رجلا بخُطاً ثمَّ ثنَّيْت لقُلتَ خُطَوَان لِأَنَّهَا من خَطَوْت وَلَو جَعَلْتَ عَلى اسْما ثمَّ ثنَّيْت لَقلت عَلَوَان لِأَنَّهَا من عَلَوْت وَتقول فِي تَثْنِيَة رِباً رِبَوان وَقَالُوا نَساً ونَسَوان وَهُوَ: الدَّاء الْمَعْرُوف بالنَّسا ويثنى بِالْوَاو والجمعُ بِالْألف وَالتَّاء بِمَنْزِلَة التَّثْنِيَة فِيمَا كَانَ مَقْصُورا على ثَلَاثَة أحرف تَقول فِي قَطاةٍ وأداةٍ وقَناةٍ قَطَوَات وأَدَوَات وقَنَوَات ودلَّ جمعُهم ذَلِك بِالْوَاو على أَنا الْألف فِي قَناة وأَداة وقَطاة منقلبة من وَاو وَقَالُوا فِي رَحىً رَحَيَان وَفِي فَتىً فَتَيَان وَفِي نَدىً نَدَيَان فردُّها إِلَى مَا الألفُ منقلبةٌ مِنْهُ وَهُوَ يَاء وقولُهم الفُتُوَّة والنُدُوَّة إِنَّمَا قُلِبَت الْيَاء واواً للضمة قبلهَا وَلَيْسَ ذَلِك بِقِيَاس مطَّرِد وَالدَّلِيل على أَن الْألف منقلبة من يَاء أَنهم قَالُوا فِتْيان وفِتْيَة للْجمع وَتقول عَمىً وعَمَيَان لِأَنَّك تَقول عُمْيان وعُمىً وَتقول هُدىً وهُدَيَان لِأَنَّك تَقول هَدَيْتُ وَقَالُوا فِي جمع حَصَاة حَصَيَات. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمَا جَاءَ من ذَلِك لَيْسَ لَهُ فعل يدل على أَنه من يَاء أَو وَاو وأُلزِمت ألفُه الانتصابَ يَعْنِي أَنه لَا يُمال فَإِنَّهُ من بَنَات الْوَاو لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء من بَنَات الْيَاء تمْتَنع فِيهِ الإمالة وَذَلِكَ نَحْو لَدَى وَإِلَى وعَلى إِذا سمَّيْتَ بِشَيْء مِنْهُنَّ ثنَّيْت بِالْوَاو لَا غير فَقلت لَدَوَان وإلَوَان وعَلَوَان وَلَو سميت بمَتَى أَو بَلَىَ ثمَّ ثنَّيْت جعلته بِالْيَاءِ لِأَنَّهُمَا مُمالان فَقلت مَتَيَان وبَلَيَان وَلم يفرق النحويون فِي الثلاثي بَين مَا كَانَ أَوله مَفْتُوحًا وَبَين مَا كَانَ مكسوراً أَو مضموماً واعتبروا انقلاب الْألف فِي أصل الْكَلِمَة وَأما الْكُوفِيُّونَ فَجعلُوا مَا كَانَ مَفْتُوحًا على العِبْرة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَمَا كَانَ مضموماً أَو مكسوراً جَعَلُوهُ من الْيَاء وَإِن كَانَ أَصله الْوَاو وكتبوه بِالْيَاءِ نَحْو الضُّحى والرِّشَى وَمَا أشبه ذَلِك وَكَانَ من حجَّة الْبَصرِيين مَا حَكَاهُ أَبُو الْخطاب من تَثْنِيَة الكِبَا كِبَوان وَقد حَكَوْا هم أَيْضا عَن الْكسَائي أَنه سمع الْعَرَب تَقول فِي حِمىً حِمَوَان وَفِي رِضا رَضَوان فَهَذَا الْقيَاس. وَإِذا كَانَ المنقوص على أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا ثُنِّيَ بِالْيَاءِ من الْوَاو كَانَ أَصله أَو من الْيَاء أَو كَانَت ألفا لَا أصل لَهَا من يَاء وَلَا وَاو فَأَما مَا كَانَ من الْوَاو فكَمَغْزىً ومَلْهَىً ومُغْتَزَى وأَعْشَى وَأَصله من الغَزْو واللَّهْو والعَشْو تَقول فِي تثنيته أَعْشَيَان ومَلْهَيَان وَمَا كَانَ من الْيَاء فنحو مَرْمَىً ومَجْرَىً تَقول مَرْمَيَان ومَجْرَيَان وَأَصله من رَمَيْت وجَرَيْت وَمَا كَانَ ألفا فِي الأَصْل فنحو حُبْلى وذِكْرى وَمَا أشبه ذَلِك وَإِذا ثنَّيْت قلت حُبْلَيان وذِكْرَيان وَكَذَلِكَ لَو سميت رجلا بحَتَّى ثمَّ ثنَّيْت لقُلت حَتَّيَان وَإِنَّمَا وَجَبت الْيَاء فِيمَا زَاد على ثَلَاثَة أحرف لأَنا إِذا صَرَّفْنا مِنْهُ فِعْلاً انقلبت الْوَاو يَاء ضَرُورَة فِي بعض تصاريفه تَقول فِي الثلاثي غَزَاَ يَغْزُو وغَزَوْت فَإِذا لَحِقْته زائدةٌ قلت أَغْزَى يُغْزى وغازَى يُغازِي لِأَنَّك إِذا قلت أَغْزَى فَهُوَ أَفْعَل وَإِذا قلت غازَى فَهُوَ فاعَل وَلَا بُدَّ من أَن يلْزم مُستقبَلَه كسر مَا كَانَ قبل آخِره فَإِذا جَعَلْنَاهُ واواً قُلْنَا يُغْزِوُ فِي الْمُسْتَقْبل ويُغَازِوُ فَإِذا وَقَفْتَ عَلَيْهِ وَقَفْت على وَاو سَاكِنة قبلهَا كسرة فَوْجُب قَلبهَا يَاء وجُعِل مَا لم يكن لَهُ أصل مُلحَقاً بِالْيَاءِ لأَنا لَو صرَّفْنا مِنْهُ فِعْلاً وَهُوَ على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف لم يكن بُدٌّ من أَن يتكسر مَا قبل آخِره فَيصير آخِره ياءاً. أَلا ترى أَنا نقُول سَلْقَى يُسَلْقِي وجَعْبَى يُجَعْبِي وَلَو صرَّفْنا من حُبْلى أَو من حتَّى فعلا لَكَانَ يَجِيء على فَعْلَى يُفَعْلى نَحْو حَبْلَى يُحَبْلَى وحَتَّى يُحَتِّي وَقد جَاءَ حرف نَادِر فِي هَذَا الْبَاب قَالُوا مِذْرَوانِ لطَرَفَي الأَلْيَتَيْن ورأيتُ المِذْرَوَيْن وَكَانَ الْقيَاس مِذْرَيان ومِذْرَيَيْن لِأَن تَقْدِير الْوَاحِد مِذْرى غير أَنهم لم يستعملوا الْوَاحِد مُفردا فيجبَ قلب آخِره يَاء وَجعلُوا حرف التَّثْنِيَة فِيهِ كالتأنيث الَّذِي يلْحق آخر الِاسْم فيُغَيِّر حكمه. تَقول شَقاءٌ وعَظاء وصَلاء لَا يجوز غير الْهَمْز فِي شَيْء من ذَلِك وَأَصله شَقاوٌ وعَظايٌ وصَلايٌ فَوَقَعت الْوَاو وَالْيَاء طَرَفْين وقبلهما ألف ثمَّ قَالُوا شَقَاوة وعَظايَة فجعلوه يَاء لِأَنَّهُ لما اتَّصل بِهِ حرف التَّأْنِيث وَلم يَقع الْإِعْرَاب على الْيَاء صارتا كَأَنَّهُمَا فِي وَسَط الْكَلِمَة وَكَذَلِكَ مِذْرَوان

<<  <  ج: ص:  >  >>