للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَشبه بهما وَقَالُوا حَيَّة للذَّكَر وَالْأُنْثَى قَالَ الشَّاعِر:

(إِذا رأيْتَ بِوَادٍ حَيَّةٌ ذَكَرا ... فاذْهَبْ ودَعْنِي أمَارِسْ حَيَّةَ الوادِي)

وجمعوا الحَيَّة على حَيَّات قَالَ الشَّاعِر:

(كأنَّ مَزَاحِفَ الحَيَّاتِ فِيهِ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ آثارُ السِّيَاطِ)

وَإِذا غُيِّر الجمعُ عَن بِنَاءِ الواحدِ فكلُّه مؤنَّث من أيِّ بِناءٍ كَانَ وَذَلِكَ كالثِّمار والنَّخِيلِ وَقد جَاءَت تاءُ التَّأْنِيث يُراد بهَا الجمعُ قَالُوا رجل بَغَّالٌ وجَمَّال للْوَاحِد فَإِذا أرادُوا الجمعَ قَالُوا بَغَّالةٌ وجَمَّالة وَأنْشد أَبُو عُبَيدة:

(حتَّى إِذا أسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدةٍ ... شَلاًّ كَمَا تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشّرُدَا)

ومثلُ ذَلِك حَمَّار للْوَاحِد وحَمَّارة وَقَالُوا حَلُوبةٌ للْوَاحِد مِمَّا يُحْلَب وَقُولُوا للْجمع حَلُوب ويُقال للْجَمَاعَة الحَلُوبة أَيْضا قَالَ الشَّاعِر:

(رْآه أهْلَ ذلكَ حِينَ يَسْعَى ... رِعاءُ الناسِ فِي طَلَب الحَلُوبِ)

فالحَلُوب هاهُنا جماعةٌ أَلا تَرَى أَن رِعاءَ لَا يَسْعَوْنَ فِي طلَب حَلُوبة وَاحِدَة قَالَ: أَبُو عبيد يَقُول الحَلُوبة يُقال للْوَاحِد والجماعةِ والحَلُوب لَا يُقال إِلَّا للْجَمَاعَة وَمثل ذَلِك قَتُوبة ورَكُوبة وَقد قُرِئَت الْآيَة: {فَمِنْهَا رَكُوبَتُهم} وَمِنْه الْكَمْءُ والكَمْأة قَالَ أَبُو عمر: سمعتُ يونسَ يَقُول هَذَا كَمْءٌ كَمَا تَرَى لوَاحِدَة الكَمْأة فيذَكِّرونه وَإِذا أرادُوا جمعَه قَالُوا هَذِه كَمْأةٌ للْوَاحِد وكَمْأة للْجَمِيع فمرَّ رؤبة فسألُوه فَقَالَ كَمْءُ وكَمْأة كَمَا قَالَ مُنْتَجِع وَقد جَرَى مَجْرَى تاءِ التانيثِ فِي هَذَا ياءُ النَّسَب زِنْجيٌّ للْوَاحِد وزِنْجٌ للْجَمَاعَة وعَلى هَذَا قَالُوا رُومِيٌّ ورُومٌ وسِنْدِيٌّ وسِنْد وقياسُ هَذَا أَن يجُوزَ فِيهِ التذكيرُ والتأنيثُ كَمَا جَازَ فِي البقَر والجَراد قَالَ الشَّاعِر:

(دَوِّيَّة ودُجَى ليلٍ كأنَّهما ... يَمٌّ تَرَاطَنُ فِي حافاتِه الرُّومُ)

وعَلى هَذَا قَوْلهم المَجُوس واليَهُود إِنَّمَا عُرِّف على حدِّ يَهُودِيٍّ ويَهُود ومَجُوسِيًّ ومَجُوس فَجمع على قِيَاس شَعِيرة وشَعِير وَلَوْلَا ذَلِك لم يَسُغْ دخُولُ الألفِ واللامِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا مَعرِفتان مؤنَّثان فجَرَيا فِي كَلَامهم مَجْرَى القبيلتين وَلم يُجْعَلَا كالحَيَّيْن أنْشد الْأَخْفَش:

(فَرَّتْ يَهودُ وأسْلَمَتْ جِيرانَها ... صَمِّي لِمَا فَعَلَت يَهُودُ صَمَامٍ)

وَقَالَ آخر:

(أحارِ تَرَى بُرَيْقاً هَبَّ وَهْنا ... كنارِ مَجُوسَ تَسْتَعِر اسْتِعارَا)

وَمن هَذَا قَول جرير:

(والتَّيْمُ ألأَم مَنْ يمشِي وألأمهُم ... ذُهْلُ بنُ تَيْمٍ بَنِي المَدَانِيس)

إِنَّمَا هُوَ على تَيْمِيٍّ وتَيْم ثمَّ عُرِّف الجمعُ بِالْألف واللامِ كَمَا عُرِّف اليَهودُ وَلَوْلَا ذَلِك لم تدخل الألِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>