قيل الأَشُدُّ اسْم وَاحِد كالآنُكِ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: واحدتُها شِدَّة مثل قَوْلهم نِعْمَة وأَنْعُم وَهَذَا من الْجمع الْعَزِيز وَقد أطلتُ شرح هَذَا وَأَبْنَتُهُ فِي أول الْكتاب
وَمن ذَلِك (الغَوْغَاءُ) يذكر وَيُؤَنث فَمن أنث لم يصرف بِمَنْزِلَة حَمْرَاء وصَفْرَاء وَمن ذكر قَالَ هم غَوْغَاءُ بِمَنْزِلَة رَضْرَاضٍ وقَضْقَاضٍ
وَمن ذَلِك (رَسَلُ الحَوْضِ الأَدْنَى) مَا بَين عشر إِلَى خمس وَعشْرين يذكر وَيُؤَنث
وَمن ذَلِك (الأَضْحَى) يذكر وَيُؤَنث فَمن ذكر يذهب إِلَى الْعِيد وَالْيَوْم قَالَ الشَّاعِر فِي التَّذْكِير:
(رَأَيْتُكُمْ بَنِي الخَذْوَاءِ لَمَّا ... دَنَا الأَضْحَى وَصَلَّلَتِ اللِّحَامُ)
وَقَالَ أَيْضا فِي التَّأْنِيث:
(أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَل تَعُودَنَّ بعدَها ... عَلَى النَّاسِ أَضْحَى تَجْمَعُ الناسَ أَو فِطْرُ)
وَقد قيل إِن الْأَضْحَى جمع أْضْحَاةٍ وَبِه سُمِّيَ الْيَوْم يُقَال ضَحِيَّة وأُضْحِيَّةٌ وأَضْحَاةٌ وَهُوَ مَا ضُحِّيَ بِهِ
وَمن ذَلِك (الأَيَّامُ) تذكر وتؤنث فَمن أنث فعلى اللَّفْظ وَمن ذكر فعلى معنى الحِينِ أَو الدَّهْرِ قَالَ الشَّاعِر:
(أَلَا لَيْتَ أَيَّامَ الصَّفَاءِ جَدِيدُ ... )
وَالْغَالِب عَلَيْهَا التَّأْنِيث وَأما اليومُ فمذكر بِإِجْمَاع يَقُول يَوْمٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ وَيْمٍ وَأنْشد قَول الشَّاعِر:
(مَرْوَانُ مَرْوَان أَخا اليومِ اليَمِي ... )
على الْقلب وَلم يَقُولُوا يَوْمٌ يَوْمَاءٌ وَلَا يَوِمَة وَاعْلَم أَن السَّبْتَ والأحدَ والخميسَ مذكرة وَلَك فِيهِ وَجها إِذا قَصَدْتَ قَصْدَ الْأَيَّام ذَكَّرْتَ فَتَقول مَضَى السبتُ بِمَا فِيهِ فتذكّر لِأَنَّك تَقْصُدُ قَصْدَ الْيَوْم وَالْمعْنَى اليومُ بِمَا فِيهِ وَإِذا قصدتَ قَصْدَ أَيَّام الْجُمُعَة قلتَ مَضى السبتُ بِمَا فيهنَّ على معنى مَضَت الأيامُ بِمَا فِيهِنَّ وَكَذَلِكَ مَضَى الأحدُ بِمَا فيهنَّ ومَضَى الخميسُ بِمَا فيهنَّ وَلَا يجوز أَن تَقول مضى السبت بِمَا فِيهَا وَكَذَلِكَ الْأَحَد وَالْخَمِيس وَأما الِاثْنَان فلك فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: التَّذْكِير لمعناه لَا لَفظه أَعنِي معنى الْيَوْم والتثنيةُ للفظه والجمعُ على معنى أَيَّام الْجُمُعَة تَقول: مَضَى الاثنانِ بِمَا فِيهِ وَفِيهِمَا وفيهن وَأما الثَّلاثاء وَالْأَرْبِعَاء والمعة فَإِن للْعَرَب فِيهِنَّ ثَلَاثَة مَذَاهِب: أَحدهَا أَن يذهبوا إِلَى اللَّفْظ فيؤنثوا وَالثَّانِي أَن يذهبوا إِلَى معنى الْيَوْم فيذكروا وَالثَّالِث أَن يذهبوا إِلَى معنى الْأَيَّام فيجمعوا وَفِي الْأَرْبَعَاء لُغَتَانِ: أرْبِعَاءُ وأرْبَعَاء وَفِي الْجُمُعَة ثَلَاث لُغَات: جُمْعَةٌ وجُمْعَةٌ وجُمَعَةٌ
وَأما أَسمَاء الشُّهُور فَإِنَّهَا مذكرة إلاجُمَادَيَيْنِ فَإِن سمعتَ فِي شِعْرِ تذكير جُماَدَى فَإِنَّمَا يذهب بِهِ إِلَى معنى الشَّهْر كَمَا قَالُوا هَذِه ألفُ دِرْهَم فَقَالُوا: هَذِه على معنى الدَّرَاهِم ثمَّ قَالُوا ألف دِرْهَم
وَأما (العَشِيَّةُ) فَإِنَّهَا مُؤَنّثَة وَرُبمَا ذكرتها الْعَرَب فَذَهَبت إِلَى معنى العَشِيّ وَأنْشد قَول الشَّاعِر:
(هَنِيئاً لِسَعْدٍ مَا اقْتَضَى بَعْدَ وَقْعَتِي ... بِنَاقَةِ سَعْدٍ والعَشِيَّةُ بارِدُ)
فَذَكَّر بَارِدًا حملا على معنى والعَشِيُّ بارِدٌ (وَأما الغَدَاةُ) فمؤنثة لم نَسْمَع تذكيرها وَلَو حملهَا حَامِل على معنى الْوَقْت لجَاز أَن يذكرهَا وَلم نسْمع فِيهَا إِلَّا التَّأْنِيث