بِالتَّاءِ وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بقول الْعَرَب رجل رَبْعَةٌ وَرِجَال رَبَعَاتُ وبقولهم طَلْحَةُ الطَّلَحاتِ وَقَالَ الشَّاعِر:
(رَحِمَ اللهُ أَعْظُماً دَفَنُوها ... بِسجِسْتَانِ طَلحَةَ الطَّلَحَاتِ)
وَتقول الْعَرَب مَا أَكْثَرَ الهُبَيْرَاتِ يُرِيدُونَ جمع الهَبَيْرَةِ وَلم نسْمع رجال رَبْعُونَ وَلَا طَلْحَة الطَّلْحِين وَلم نسْمع مَا أَكْثَرَ الهِبَيْرِين وَلَا جمعَ شَيْء من ذَلِك بِالْوَاو وَالنُّون وَأَجَازَ الْكسَائي والفَرَّاءُ جمعَ ذَلِك بِالْوَاو وَالنُّون فَإِذا جمع بِالْوَاو وَالنُّون سكنوا اللَّام من طَلْحَةَ لأَنهم يُقَدِّرُونَ جمعَ طَلْح فَلَا يُحَرِّكُونَ اللامَ وَكَانَ أَبُو الْحسن ابْن كَيْسَانَ يذهب إِلَى جَوَاز ذَلِك ويُحَرِّك اللامَ فَيَقُول الطَّلَحُونَ فيفتحها كَمَا فتحُوا أَرْضُونَ حَمْلاً على أرَضياتٍ لَو جمع بِالْألف وَالتَّاء لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة تَمَراتٍ والقولُ الصَّحِيح مَا قَالَه غَيره لِأَنَّهُ قَول الْعَرَب الَّذِي لم يُسْمَع مِنْهُم غيرُه وَلِأَنَّهُ الْقيَاس وَلِأَن طَلْحَة فِيهِ هَاء التَّأْنِيث وَالْوَاو وَالنُّون من عَلَامَات التَّذْكِير وَلَا يجْتَمع فِي اسْم وَاحِد علامتان مُتَضَادَتانِ وَمِمَّا احْتج بِهِ ابْن كَيْسَان أَن التَّاء تسْقط فِي الطلحات فَمن أجل سُقُوطهَا وبقاءِ الِاسْم بِغَيْر التَّاء جَازَ جمعهَا بِالْوَاو وَالنُّون وَهَذَا لَا يلْزم لِأَن التَّاء مقدرَة وَإِنَّمَا دخل فِي عَلامَة الْجمع التَّاء وَسَقَطت التَّاء الَّتِي كَانَت فِي الْوَاحِد لِأَن تَاء الْجمع عوض وَلِئَلَّا يجْتَمع تاآن فَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا يقسط لِاجْتِمَاع الساكنين وَهُوَ مقدّر وَإِذا جمع بِالْألف وَالتَّاء مَا كَانَ فِي آخِره ألف تَأْنِيث مَقْصُورَة فَإنَّك تقلب ألف التَّأْنِيث يَاء فَتَقول فِي حُبْلَى حُبْلَيات وَفِي حُبَارى حُبَارَيات وَفِي جَمْزَى جَمَزَيات فَإِن قَالَ قَائِل أَنْتُم تَقولُونَ إِنَّا حذفنا التَّاء فِي طَلَحات وتَمَرَات لِئَلَّا يُجْمَع بَين علامَتَيْ تَأْنِيث لَو جمعناه تَمَرات فقد جمعتم بَين الْألف الَّتِي فِي حُبْلَى وَالتَّاء الَّتِي فِي الْجمع قيل لَهُ لَيْسَ سبيلُ الْألف سبيلَ التَّاء لِأَن الْألف لَا تثبت على لفظ التَّأْنِيث وَإِنَّمَا تنْقَلب يَاء وَلَيْسَت الْيَاء للتأنيث فَإِذا قُلْنَا حُبْليات لم نجمع بَين لَفْظَي تأنيثٍ والتاءُ فِي تَمرة لَو قُلْنَا إِنَّهَا هِيَ علامةُ التَّأْنِيث وَإِن الْهَاء بدلٌ مِنْهَا فِي الْوَقْف للْفرق بَين الِاسْم وَالْفِعْل وَالْوَاحد وَالْجمع إِذْ عَلامَة التَّأْنِيث فِي الْفِعْل تَاء لَا غير فِي الْوَقْف والوصل وَكَذَلِكَ فِي جمع مسلمات وَمَا أشبه ذَلِك وَأَيْضًا فَإِن التَّاء دُخُولهَا على بِنَاء صَحِيح للمذكر وَدخُول ألف التَّأْنِيث على بِنَاء لَو نزعت مِنْهُ لم يكن لَهُ معنى أَلا ترى أَنا لَو قُلْنَا فِي حُبْلَى حُبَلٌ لم يكن لَهُ معنى وَإِذا قُلْنَا فِي مُسْلِمة مُسْلِم كَانَ للمذكر فَصَارَ ألفُ التَّأْنِيث بِمَنْزِلَة حرف من نفس الِاسْم مُخَالف للعلامة الدَّاخِلَة على الِاسْم بِكَمَالِهِ وَإِذا جمعتَ الْمَقْصُور بِالْوَاو وَالنُّون حذفت الْألف لِاجْتِمَاع الساكنين وبَقَّيْتَ مَا قبله على الْفَتْح فَقلت فِي مُوسَى وَعِيسَى وحبلى مُوسَوْنَ وعِيسَوْنَ وحُبْلَوْنَ لَا يجوز غير ذَلِك عِنْد جَمِيع النَّحْوِيين وَهُوَ القياسُ وكلامُ الْعَرَب فَأَما كَلَام الْعَرَب فَقَوْلهم المُصْطَفَوْن والأَعْلَوْنَ وَرَأَيْت المُصْطَفيْن والأَعْلَيْنَ وَأما القياسُ فَلِأَن الحرفَ الثابتَ فِي الْوَاحِد لَيْسَ لنا حذفُه من الْكَلِمَة إِلَّا لضَرُورَة عِنْد اجْتِمَاع ساكنين وَهُوَ مقدَّر كَقَوْلِنَا راضُونَ ورامُونَ فَلَو قُلْنَا عِيسُونَ ومُوسَونَ لَكنا نقدّر حذفَ الْألف فيهمَا من قَبْل دُخُول عَلامَة الْجمع وَلَو جَازَ هَذَا لجَاز أَن نقُول فِي حُبْلَى حُبْلات وَفِي سَكْرَى سَكْراتٌ وَلَيْسَ أحدٌ يَقُول هَذَا فموجب أَن علامةَ الْجمع إِنَّمَا تدخل على عِيسَى ومُوسَى والألفُ فيهمَا ثمَّ تسْقط الْألف لِاجْتِمَاع الساكنين وَيبقى مَا قبلهَا مَفْتُوحًا فَإِن قَالَ قَائِل إِنَّمَا تحذف هَذِه الْألف تَشْبِيها بِحَذْف هَاء التَّأْنِيث قيل لَو جَازَ ذَلِك لجَاز أَن تَقول حُبْلاتٌ وَقد ذكرنَا السَّبَب فِي حذف هَاء التَّأْنِيث وَأما الْمَمْدُود فَإنَّك تقلب الْهمزَة واواً فِيهِ إِذا كَانَت الْمدَّة للتأنيث كَمَا قلبت فِي التَّثْنِيَة فَتَقول فِي حَمْرَاء حَمْرَاوَات وَفِي وَرْقَاء ورْقَاوات كَمَا قَالُوا خَضْرَاوات وَإِن كَانَ اسمَ رجل جمعتَه بِالْوَاو وَالنُّون وقلبت الْهمزَة واواً وَأَيْضًا فَقلت وَرْقَاوُون وحَمْراوُون ورأيتُ ورْقَاوِينَ وحَمْرَاوِينَ وَذكر أَن الْمَازِني كَانَ يَجِيزِ فِي وَرْقاوُون الهمزَ لانضمام الْوَاو بعْدهَا وَهَذَا سَهْو لِأَن انضمامهما لواو الْجمع بعْدهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَة ضمة الْوَاو للإعراب أَو لالتقاء الساكنين كَقَوْلِك هؤلاءِ ذَوُوكَ وَهَؤُلَاء مُصْطَفُو البلدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute