للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالَّذِي يُوجِبهُ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن تَقول أَقْدَامٌ فِي الْقَلِيل وَالْكثير لِأَن الْعَرَب قد جمعتْ قَدَماً قبل التَّسْمِيَة على أَقْدام فِي الْقَلِيل وَالْكثير وَإِن سميت رَجُلاً بأحْمَرَ ثمَّ جمعته فَإِن شِئْت قلت أَحْمَرُون على السَّلامة وَإِن شئتَ قلتَ أَحَامِرُ على التكسير وكلا هذَيْن الجمعين لم يكن جَائِزا فِي أحْمَرَ قبل التَّسْمِيَة لِأَن أَحْمَرَ وبابَهُ لَا يجوز فِيهِ أَحْمَرُونَ وَلَا أَحَامِرُ إِذا كَانَ صفة وَإِنَّمَا يجمع على حُمْرٍ وَنَظِيره بِيضٌ وشُهْبٌ وَمَا أشبه ذَلِك فَإِذا سميت بِهِ فَحكم الِاسْم الَّذِي على أَفْعَل يخالفُ حكمَ الصّفة الَّتِي على أفْعَل والاسمُ جَمْعُه أفاعلُ مثل الأرانبِ والأباطِح والأَرامِلِ والأَدَاهِم وَإِن سميت امْرَأَة بأَحْمَرَ قلتَ فِي السَّلامَة أَحْمَرَات وَفِي التكسير أَحَامِرُ وَقد قَالَت الْعَرَب الأَجَارِب والأَشَاعِر لِبَنِي أَجْرَبَ كَأَنَّهُمْ جعلُوا كُلَّ واحدٍ مِنْهُم أَجْرَبَ على اسْم أَبِيه ثمَّ جَمَعُوهُ كَمَا قَالُوا فِي أَرْنَبٍ أَرانِبُ وَإِن سميت رجلا بَوَرْقاء أَو مَا جَرَى مجْرَاه فجمعتَه بِالْوَاو وَالنُّون قلتَ وَرْقَاوُون وَإِن سميت بهَا امْرَأَة وجمعتها جمع السَّلامَة قلتَ وَرْقاوات وَإِن جمعتها جمع التكسير فِي الرجل وَالْمَرْأَة قلت وَرَاقٍ كَمَا قيل فِي صَلْفَاءَ صَلَافٍ وَفِي خَبْراء خَبَارٍ وَإِن سميت رجلا أَو امْرَأَة بِمُسْلِمٍ أَو بِخَالِد وَلم تجمعها جمعَ السَّلامَة قلتَ فيهمَا خَوَالَدُ كَمَا تَقول فِي قَادِمِ الرَّحْل وآخِره القَوَادِمُ والأَواخِرُ وجمعُ التكسير يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَمَا يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ أَلا تَراهم قَالُوا غُلَام وغِلْمَان كَمَا قَالُوا غُراب وغِرْبان وَقَالُوا صَبِيُّ وصُبْيانٌ كَمَا قَالُوا قَضِيبٌ وقُضْبَان وَمِمَّا يُقَوِّي خَوَالِدَ جمعَ رجل اسْمه خَالِد أَنهم قَالُوا فِي الصّفة فارِسٌ وفَوَارِسٌ وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الصّفة فَهُوَ فِي الأَسماء أَجْدَرُ والقياسُ أَن يُقالَ فِي فاعِل فَواعل لِأَنَّهُ على أَرْبَعَة أحرف وعلامةُ الْجمع تنظيم فِيهِ على طَرِيق انتظام علامةِ التصغير فِيهِ لِأَنَّك تَقول خُوَيْلِدٌ وحُوَيْتِمْ فتُدْخِل يَاء التصغير ثَالِثَة وتَكْسرُ مَا بعْدهَا وَكَذَلِكَ تُدْخِل ألفَ الْجمع ثَالِثَة وتكسير مَا بعْدهَا وَلَو سميت رجلا بشَفَةٍ أَو أَمَةٍ ثمَّ كَسَّرْتَ لقلتَ آمٍ فِي الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَفِي الْكثير إِمَاءٌ وَيجوز إمْوَانٌ قَالَ الشَّاعِر:

(أَمَّا الإِمَاءُ فَلَا يَدْعُونَنِي وَلَداً ... إِذا تَرَامَى بَنُو الإِمْوانِ بالعارِ)

وَتقول فِي شَفَةٍ شِفَاهٌ لَا يجوز غير ذَلِك وَإِنَّمَا جَازَ فِي أمة إِذا سميت بهَا رجلا أَو امْرَأَة الوجوهُ الَّتِي ذكرتُ لِأَن العربَ تجمعها على هَذِه الْوُجُوه وَهِي اسْم قبل التَّسْمِيَة بهَا شَيْئا بِعَيْنِه فاستعملنا بعد التَّسْمِيَة مَا استعملته الْعَرَب قبلهَا إِذا لم تَتَغَيَّر الاسْمِيَّةُ وَلَا يُقَال فِيهَا شَفَاتٌ وَلَا أَمَاتٌ لِأَن الْعَرَب تجتنب ذَلِك فِيهَا قبل التَّسْمِيَة وَإِن سميت رجلا بَتَمْرَةٍ أَو قَصْعَةٍ قلتَ قَصَعَاتٌ وتَمَرَاتٌ وَإِن كَسرته قلتَ قِصاعٌ وتَمَارٌ وَإِن سميت رجلا أَو امْرَأَة بعَبْلَة لقلتَ فِي الْجمع العَبَلَاتُ وفتحتَ الْبَاء وَقد كَانَ قبل التَّسْمِيَة يُقَال امرأةٌ عَبْلَةٌ وَنسَاء عَبْلَاتٌ لِأَنَّهَا كَانَت صفة فَلَمَّا سميتَ بهَا صارتْ بِمَنْزِلَة تَمْرَةِ وتَمَرَاتٍ وَلَا يجوز أَن تَقول فِي جمع رجل اسْمه تَمْرَة تَمْرٌ لِأَن تَمرا اسْم للْجِنْس وَلَيْسَ بِجمع مكسر وَلَو سميت رجلا أَو امْرَأَة بسَنَةٍ لكنتَ بِالْخِيَارِ إِن شئتَ قلت سَنَوَات وَإِن شئتَ قلتَ سِنُون لَا تعدو جمعَهم إِيَّاهَا قبل ذَلِك وهم يجمعُونَ السَّنَةَ قبل التَّسْمِيَة على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَلَو سميته ثُبَةً لقلتَ ثُبَاتٌ وثُبُونَ وَإِن شئتَ كَسَرْتَ الثاءَ كَذَلِك نَظَائِر ثُبَةٍ وَإِن سميته بِشِيَةٍ أَو ظُبَةٍ لم تُجَاوِزْ شِيَاتٍ وظُبَاتٍ لِأَن الْعَرَب لم تجمعه قبل التَّسْمِيَة إِلَّا هَكَذَا فَإِن سميتَه بابْنِ جمعتَ بِالْوَاو وَالنُّون قلتَ بَنُونَ وَإِن كَسَّرْتَ قلتَ أبناءٌ وَإِن سميتَ المرأةَ بأُمِّ ثمَّ جَمَعْتَ جَازَ أُمَّهَاتٌ وأُمَّاتٌ لِأَن الْعَرَب قد جمعتها على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ قَالَ الشَّاعِر:

(كَانَتْ نَجَائِبُ مُنْذِرٍ ومُحَرِّقٍّ ... أُمَّاتُهُنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحِيلَا)

وَلَو سميتَ بِهِ رجلا لَقُلْتَ أُمُّونَ وَإِن كسَّرْتَه فَالْقِيَاس أَن تَقول إمامٌ وَإِن سميتَه بأبٍ قلت أَبوانِ فِي التَّثْنِيَة

<<  <  ج: ص:  >  >>