للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَأَنَّهُمْ سَمَّوْهُ باسمٍ مُصَغَّرٍ وَلم يُسَمُّوه باسم مكبر ثمَّ يصغر وَلم سميت امْرَأَة باسم ثلاثي مِمَّا ذكرنَا أَنه لَا تدخل فِي تصغيره الهاءُ كحَرْب وناب ثمَّ صغرته لأَدْخَلْتَ فِيهِ الْهَاء فقلتَ حُرَيْبَة ونُيَيْبَة لِأَنَّهُ قد صَار اسْما لَهَا كَحَجر إِذا صغرته قلت حُجَيْرة وَقد جَاءَ من الْمُؤَنَّث مَا هُوَ على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف وَقد ألحقت الْهَاء بِهِ فِي التصغير كَقَوْلِك زيد قُدَيْدِيمَةُ عَمْرو ووُرِيِّئَةُ عَمْرو وَهُوَ تَصْغِير قُدَّامَ ووَرَاءَ لَا يُخْبَر عَنْهُمَا بِفعل يَتَبَيَّنُ تأنيثُهما فِيهِ لِأَنَّهُمَا ظَرْفان كخلف وَإِنَّمَا يتَبَيَّن تأنيثُ المؤنثِ الَّذِي لَا علامةَ فِيهِ بِمَا يُخْبر عَنهُ من الْفِعْل كَقَوْلِك لَسَبَتْهُ العقربُ وَهَذِه العقربُ والعقربُ رَأَيْتهَا وَمَا أشبه ذَلِك من الضمائر الَّتِي تدل على الْمُؤَنَّث فَلَمَّا لم يُخْبَر عَن قُدَّام ووراء بِمَا يَدُل ضميرها عَلَيْهِ من التَّأْنِيث جعلُوا عَلامَة التَّأْنِيث فِي التصغير قَالَ الْكسَائي: اعْلَم أَن الْعَرَب تُصغر مَا كَانَ من أَسمَاء النِّسَاء على ثَلَاثَة أحرف بِالْهَاءِ وَبِغير الْهَاء فَمن صغر بِالْهَاءِ لم يُجْرِ وَمن صغر بِغَيْر الْهَاء لم يُجْرِ وأجْرَى وَقَالَ أرى أَن من صغر بِغَيْر الْهَاء أَرَادَ الفعلَ فَيجوز أَن يُجْري وَلَا يُجْري وَهَذَا الْقيَاس فِي كل مؤنث أَن تدخله الْهَاء لِأَنَّهُ اسْم مؤنث وَأَصله الْفِعْل سمي بِهِ وَمن لم يدْخل الْهَاء بناه على الْفِعْل فَكَأَنَّهُ يُريدهُ فيجريه وَقد يُرِيد الْفِعْل وَلَا يجْرِي للتعلق على الْمُؤَنَّث قَالَ: وَأما الْأَسْمَاء الَّتِي لَيست للأناسي فَأكْثر مَا جَاءَت بِالْهَاءِ لِأَنَّهَا لمؤنثات وَقعت قَالَ الْفراء: إِنَّمَا أدخلُوا التَّاء فِي يَدَيْهِ وقديديمة لِأَنَّهُ مَبْنِيّ عِنْدهم على التَّأْنِيث لم تكن الْيَد وَالرجل والفخذ اسْما لشَيْء غير الْفَخْذ فَكَأَنَّهَا فِي التَّسْمِيَة وَقعت هِيَ والأسماءُ مَعًا فَلَمَّا صغروا قَالُوا: قد كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون رِجْلة وفَخِذَة وَلَكنهُمْ أسقطوا مِنْهُ الْهَاء فَلَمَّا صغروا أظهرُوا الْهَاء كَمَا قَالُوا فِي دَمٍ دُمَيّ وَقَالَ الْفراء: فَإِن قَالَ قَائِل إِن دَماً رُد إِلَيْهِ لامُ الْفِعْل وَالْهَاء لَا تكون من الْفِعْل قلت لَو كَانَ هَذَا على مَا تَقول مَا صغروا خيرا مِنْك وشراً مِنْك بِإِخْرَاج الْألف قَالَ وَمثله تَصْغِير الْعَرَب الجَذْل أُجَيْذِل رَدُّوا إِلَيْهِ ألفا زَائِدَة وَقَالُوا فِي العَطِشِ العُطَيْشان فَرَدُّوا إِلَيْهِ ألفا ونوناً وهما زائدتان وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي يُقَال فِي تَصْغِير العَقْرَب عُقَيْرِب فَأَما مَيزتَ الذّكر من الْأُنْثَى فَقلت رأيتُ عقرباً على قلتَ فِي التصغير رَأَيْت عُقَيْرباً على عُقَيْربَة وَقَالَ إِذا سميت امْرَأَة باسم مُذَكّر كَقَوْلِك هَذِه لَهْوٌ وبَرْقٌ وَكَذَلِكَ طَلَل وطَرَبٌ وَمَا أشبههن فلك فِي تصغيره وَجْهَان إِن نويتَ أَنَّك سميتها بجُزء من اللَّهْوِ صغرتها بِالْهَاءِ فَقلت هَذِه لُهَيَّةٌ قد جاءْت وَهَذِه بُرَيْقَةٌ وَإِنَّمَا أدخلت الْهَاء فِي اللَّهْو وَقد عَرفته مذكراً ثمَّ سميت بِهِ مؤنثاً لِأَنَّهُ إِذا كَانَ بَعْضًا من اللَّهْو فِي النِّيَّة فَكَأَنَّهُ قد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يكون بِالْهَاءِ أَلا ترى أَنا قُلْنَا الضَّرْب والنَّظَر إِنَّمَا يُقَال فِي الْوَاحِدَة نَظْرَة وضَرْبة وَإِن شِئْت قلت هَذِه لُهَيٌ قد جَاءَت بِغَيْر الْهَاء لِأَنَّهُ مُذَكّر فِي الأَصْل فصغرته على أَصله وَلَو نَوَيْت أَن تسميها باللهو الَّذِي يَقع على الْكثير لم يكن تصغيره إِلَّا بطرح الْهَاء أَلا ترى أَنه مُذَكّر وانك لم تنو فِيهِ تقليلاً تنوي فِيهِ فَعْلة فَكَانَ بِمَنْزِلَة امْرَأَة سميتها بزيد فَقلت هَذِه زُبَيْدُ قد جَاءَت لَا غير فَإِن قَالَ لَك إِذا سميت امْرَأَة باسم مُذَكّر من أَسمَاء الرِّجَال على ثَلَاثَة أحرف فَقلت: هَذِه حَسَنٌ وَهَذِه زيد وَهَذِه فَتْحٌ وَهَذِه عَمْرو، كَيفَ تصغره فَقل: اخْتلف فِي هَذَا أهل الْعَرَبيَّة فَقَالَ الْفراء تصغره بِغَيْر الْهَاء فَتَقول هَذِه زُبَيْدُ وَهَذِه عُمَيْر وَهَذِه حُسَيْنُ وَاحْتج بنك نويتَ بزيد أَن يكون فِي معنى فُلان نقلته إِلَى امْرَأَة وَأَنت تنوي اسْما من أَسمَاء الرِّجَال وَلم تَتَوَهَّمِ الْمصدر فَذَلِك الَّذِي منع من إِدْخَال الْهَاء قَالَ الْفراء: فَإِن قلت أَتُجيز أَن تَقول زُيَيْدَة على وَجه قلت نعم إِذا سميتها بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِك زِدْتُه زَيْداً فهاهنا يَسْتَقِيم دُخُول الْهَاء وخروجها فِي تصغيره لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة لَهْو فِي الْقلَّة وَالنِّيَّة وَجَاء فِي الحَدِيث فِي وصف رجل:

(ذِي الثُّدَيَّة) وَإِنَّمَا حُقِّر الثَّدْيُ بِالْهَاءِ وَهُوَ مُذَكّر لِأَنَّهُ أَرَادَ لَحْمَة من الثَّدْي أَو قِطْعَة وَبَعْضهمْ يروي الحَدِيث ذِي اليُدَيَّةِ على تَصْغِير الْيَد قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَإِذا صغرت بَعْلَبَكَّ وَأَنت تجعلها اسْما وَاحِدًا قلت بُعَيْلِبُ وَقَالَ الْفراء رُبمَا حذفوا فَقَالُوا هَذِه بُعَيْلَة وَقَالَ بَعضهم يَقُول فِي التصغير بُكَيْكَة فيحذف بَعْلاً وَمن قَالَ هَذِه بَعْلُ بَكَّ فَلم يُجْر بَكَّ قَالَ فِي التصغير بَعْلُ بُكَيْكَة وَمن قَالَ هَذِه بَعْلُ بَكِّ فَأجرى

<<  <  ج: ص:  >  >>