على قَول الْأَصْمَعِي فعلى الْمَعْنى الَّذِي تقدَّم من تصوُّر الْمَعْنى معنى الْعُمُوم وَالْكَثْرَة فِي الموتِ إِذْ كَانَ أدْهَى الدَّواهِي قَالَ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش الْمنون جمعُ لَا واحدَ لَهُ ووجْه الْجمع بَين قوليهما أَن أَبَا الحَسن أَرَادَ أَنه وَاحِد فِي معنى الْجمع فَلَا يَحْتاج إِلَى جَمْع ابْن السّكيت سُمِّيَ الدهرُ مَنُوناً لأه يذهبَ بِمُنَّة الْإِنْسَان أَي قُوَّته وَيُقَال حَبل مَنِين أَي ضَعِيف وَقد مَنَّه السيرُ يَمُنَّه مَنَّا إِذا أضْعَفَه وَيُقَال لَا آتيكَ أُخْرَى المَنُون أَي آخِرَ الدَّهْر صَاحب الْعين المَنَى الموتُ والقدَر وَقد مَنَّاه اللهُ يضمْنِيه أَي قَدَّره ابْن السّكيت شَعُوبُ اسمُ المَنِيَّة مِنَّثة معرفةُ لَا تَنْصَرف وَأنْشد
(وَمَنْ تَدْعُ يَوْماً شَعُوبُ يُجِبْها ... )
قَالَ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ شَعُوبُ لِأَنَّهَا تَشْعَب أَي تفَرِّق وَقد شَعَبته تَشْعَبُهُ وَيُقَال أَشْعَب الرجُلُ إِذا مَاتَ أَو فارَقَ فِراقاً لقالا يَرْجع وَأنْشد
(وَكَانُوا أُناساً من شُعُوبٍ فَأَشعَبُوا ... )
وَمِنْه قيل ظَبْي أشْعَبُ إِذا كَانَ بعيدَ مَا بَين القَرْنَيْن وَيُقَال شَعَبْت الشيءَ أَصْلَحته وشَعَبْتُه فَرَّقته وشَقَقْته وَهُوَ من الأضداد وَأنْشد
(وَإِذا رأَيْتَ المَرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَه ... شَعْبَ العَصَا ويَلجُّ فِي العِصْيانِ)
قَوْله يَشْعَب أمره أَي يُفَرْقُه ويُشَتِّته ابْن الْأَعرَابِي شَعب وأشْعَبَ وانْشَعَبَ هلك وَأنْشد
(حتَّى تَمَوَّل مَالا أَو يُقال فَتَى ... لاقضى الَّتِي تَشْعَبُ الفِتْيان فانْشَعَبَا)
أَبُو عبيد الفَوْد المَوْتُ وَقد فادَ يَفُودُ وَأنْشد
(رَعَى خَرَزَاتِ المُلْكِ عِشْرِينَ حِجَّةً ... وَعِشْرِينَ حَتَّى فادََ والشَّيْب شامِلُ)
يُقَال فِي قَوْله رَعَى خَرَزَاتِ المَلِك أَن المَلِك كَانَ كُلَّما مَلَك عَاما زِيدَ فِي تاجِه أَو قِلَادَتِه خَرَزَةُ يُراد بذلك أَن يُعْلَم عَدَدُ السنينَ الَّتِي مَلَكَها ابْن السّكيت فاد يَفُود وَيِفِيد قَالَ أَبُو عَليّ يَفُود فِي الْمَوْت ويَفِيدُ فِي التَبخْتُر أَبُو عبيد الحِمَام الْمَوْت ابْن السّكيت نَزَلَ بِه حَمَامُه أَي موتُه وقَدَرُه وحُمَّ الأمْر قُدِّر وَيُقَال عَجِلَت بِنَا وبكم حُمَّة الفِراق أَي قَدَرُه وَأنْشد
(أَلَا يَال قَوْمِي كُلُّ مَا حُمَّ واقِعُ ... ولِلطَّيْرِ مَجْرىّ والجُنُوبِ مَصَارعُ)
صَاحب الْعين هَذَا الأمْرُ حَمُّ لذَلِك أَي قَدَر ابْن الْأَعرَابِي حَمَّ الشيءُ وأحَمَّ دَنَا مِنْهُ أَبُو عبيد السَّامُ الْمَوْت وَقد سامَ والنَّحْب مثله من قَوْله تَعَالَى {فَمِنْهُم من قَضَى نَحْبَه} الاحزاب ٢٣ صَاحب الْعين مَعْنَاهُ قُتلُوا فِي سَبِيل الله فأدْرَكُوا مَا تضمَنَّوْا والمِقْدَار الْمَوْت ابْن السّكيت يُقَال للْمَوْت قُتَيْم ابْن دُرَيْد تُسَمَّى المَنِيَّة جَبَاذِ مَعْدُول عَن الجَبْذ سِيبَوَيْهٍ وَتُسَمَّى حَلَاقِ مَعْدُولَة عَن الحالِقَة لِأَنَّهَا تَحْلِق عَليّ يَتَّجه أَن تكون تَحْلِق من حَلْقِ الشعَر أَي أَنَّهَا تعْمل فِي النَّفوس كَذَلِك وَيجوز أَن تكون من قَوْلهم حَلَقْته أحْلُقُه أخذتُ بحَلْقه ويقوَّيه أَن بعضَ القُدّماء شبَّه الموتَ بالخَنْق أَبُو زيد القاضِيَة الموتُ نَفْسُه وَقد قُضِي عَلَيْهِ ابْن السّكيت قَضَى نَحبَه يَقْضْيه قَضَاءَ أَبُو عبيد الطَّلَاطِل والطَّلَاطِلَة الموتُ وَقيل هُوَ الداءُ العُضَال صَاحب الْعين الغُول المَنِيَّة وَأنْشد