للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَجَمَعَه على فُعُول إِذْ كَانَ مثلَ عنَاق فِي التَّأْنِيث وَقد قَالُوا فِي جمعهَا عُنُوق إِلَّا أَنه خفف للقافية كَمَا خفف فِي قَوْله

(حّيْدَةُ خَالِي ولَقِيطٌ وعَلِي ... )

وكما خفف من سُر وضُر فَإِن قلت مَا تُنْكِر أَن يكون السُّمِي فُعُلاً كفَذَالٍ وقُدُلٍ وَلَا يكونُ فُعُولاً فَإنَّا نَمْنَعُ من ذَلِك أَلا ترى أَن هَذَا الضَّرْب من المعتل لم يُجْمَع على فُعُل لِمَا كَانَ يلْزَمُ من الْقلب ولأنا قَدْ وَجَدْنَا نَظِيره من الْمُؤَنَّث جُمِعَ على فُعُول وَلم نَرَ هَذَا النَّحْو جمع على فُعُل وَقد حكى سِيبَوَيْهٍ فِي مَوضِع ثُنْيٌ على فُعْل فَأَما فُعُل فَلم يَجِيء فِي مَوضِع وَلَيْسَ عِنْدِي بالقَويِّ فِي الْقيَاس أَلا تَرَى أَن الحَرَكَة مَنُوبَةٍ إِلَّا أَنه يشْهد لَهُ عِنْدِي مَا حَكَاهُ من قَول بَعضهم رَضْيُوا أَلا ترى أَنه أُجْرِيَ مُجْرَى مَا السكونُ لازمٌ لَهُ وَحكى بعضُ مَشَايِخنَا فِي جمع السَّمَاء الَّذِي هُوَ مطر أسْمِيَةٌ وَقَالَ هُوَ مُذَكّر وَلذَلِك جُمِعَ على أفْعِلَة قَالَ الْفَارِسِي أَنا أقوم تذكيرهم لهَذَا يدل عِنْدِي على أَنهم سَمَّوْا المطرَ سَمَاءً لارتفاعه لَا أَنهم سَمَّوْه سَمَاءً لنزوله من السَّمَاء كنحو تسميتهم الْمَرْأَة ظَعِينَةٌ والمَزَادة رَوايَةً أَلا ترى أَنه لَو سُمِّيَ على هَذَا الحَدِّ سَمَاء لَبَقِيَ على تأنيثه وَلم يُذَكَّر فتذكيره يدل على أَنه اسْم آخَرُ فَلَيْسَ مَنْقُولًا من الَّتِي هِيَ خلافُ الأَرْض / وَكَذَلِكَ القولُ عِنْدِي فِي تسميتهم لسقفِ البيتِ سَمَاءً هُوَ من أجْل ارتفاعه وَلَيْسَ الْمُؤَنَّث بذلك على هَذَا مَا أنْشَدَنَاه أَبُو بكر

(إِذا كوكبُ الخَرْقَاءِ لَاحَ بسُحْرَةٍ ... سُهَيْلٌ أذاعَتْ غَزْلَهَا فِي القَرَائِبِ)

(وقالتْ سَمَاءُ البيتِ فَوْقكَ مُنْهِجٌ ... وَلَمَّا نُيَسِّرُ أَحْبُلاً للرَّكَائِبِ)

فَقَالَ مُنْهَجٌ فعلى الْأَغْلَب الْأَكْثَر نحمله لَا على النّسَب وَلَا على التَّذْكِير للْحَمْل على الْمَعْنى نَحْو قَوْله

(ثلاثُ شُخُوصٍ كاعِبان ومُعْصِرٌ)

وَإِن كَانَ ذَلِك غير مُمْتَنع فِي الشّعْر فَأَما قَول الشَّاعِر

(تَلُفُّه الرِّيَاحُ والسُّمِي)

فَهَذَا عِنْدِي على أَنه سَمَّى الْمَطَر سَمَاءً لنزوله من السَّمَاء كَمَا يُسمَّى الفِنَاء عَذِرَةً وَنَحْو ذَلِك يدللك على هَذَا أَنه جُمِعَ على فُعُول كعِناق وعنُوُق وَلم يَأْتِ بِهِ علىأفْعِلَة فَهَذَا كتسميتهم قضَاء الحَاجة عَذِرة وأصلُ هَذَا الْبَاب فِي اللُّغَة الارتفاعُ وَمِنْه الاسْمُ وَاللَّام محذوفة أنشدنا أَبُو بكر

(سَمَا للَبُون الحَارِثِيِّ سَمَيْدَعُ ... إِذا لم يَنَلْ فِي أوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا)

هَذَا جمعُها المستعملُ وَجَاء بِهِ هَذَا الشَّاعِر فِي سمائيا على غير الْمُسْتَعْمل وَالْآخر أَنه قَالَ سمائيا وَكَانَ الْقيَاس الَّذِي عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَال سَمَايا فجَاء بِهِ الشَّاعِر لمَّا اضْطُرَّ على الْقيَاس الْمَتْرُوك فَقَالَ سَمَائِيَ وسَأُثْتِتُ مَا تَقِفُ مِنْهُ على هَذِه الْأَصْلَيْنِ، اعْلَم أَن سَمَاءً فَعالٌ الْهمزَة فِيهَا لَام منقلبة عَن وَاو فَإِذا جمعته مُكَسَّراً على فَعَائل وَجب فِي الْقيَاس الْمَتْرُوك استعمالُه أَن تَقول سمَائِيَ كَمَا أَنَّك لَو جمعتَ مثلَه فِي الصَّحِيح نَحْو سَحَاب لَقلت سَحَائِب فأبدلتَ من الْألف الزَّائِدَة فِي فَعَال همزَة لِأَنَّهَا وَقعت بعد ألف الْجمع وألفُ الْجمع ساكنةٌ وألفُ فَعالٍ أَيْضا سَاكِنة وَإِذا اجْتمع ساكنان فَلَا يحول من أَن يُحْذَف أحدُهما أَو يحرَّك فحذفُ السَّاكِن الأوَّل هُنَا لايجوز لِأَنَّهُ دَلِيل الْجمع وَلَو حذفت الثَّانِيَة لالتقاء الساكنين لم يجزأيضاً لِأَن الْجمع كَانَ يَلْتَبِسُ بِالْوَاحِدِ وَإِذا لم يجز حذف وَاحِد من الساكنين وَجب أَن يُحَرَّك أحدُهما وَلَا يَخْلُو من أَن يكون الأوَّلَ أَو الثانَي فالأوّل لَا يجوز تحريكه لِأَنَّهُ لَو حُرِّكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>