للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَمِن آياتِه الليلُ والنهارُ والشَّمسُ والقَمَر لَا تَسْجُدوا للشّمْسِ وَلَا لِلْقَمِرِ واسْجُدوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} {فصلت ٣٧} ويَدُلُّكَ على مَا ذَكَرْنَا من مَذْهبِ العربِ فِي تسميتهم للشمس إلاهة مَا حَكَاهُ أحمدُ بن يحي من أَنهم يُسَمُّونَها إلاهة غيرض مَصْرُوف فقوَّى ذَلِك أَنه منقولٌ إذْ كَانَ مَخْصُوصًا وَأكْثر الْأَسْمَاء المختصةِ الْأَعْلَام منقولةٌ نَحْو زيد وَأسد وَمَا يَكْثُر تَعْدَادُه من ذَلِك فَكَذَلِك إلاهةُ تكون منقولةٌ من الاِلَاهَةِ الَّتِي هِيَ الْعِبَادَة لما ذكرنَا وَأنْشد الْبَيْت ( ... وأعْجلْنا إلاهَةَ أَن تَؤُبَا ... )

غَيره مَصْرُوف بِلَا ألف وَلَام وَقد جَاءَ على هَذَا الحدّ غيرُ شئٍ قَالَ أَبُو زيد لَقيتُه النَّدَرَى ونَدَرَى وفَيْنَة والفَيْنة بعد الفَيْنة وَفِي التَّنْزِيل {وَلَا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً} {نوح ٢٣} وَأنْشد ( ... أما ودِمَاء لَا تَزَالُ كأنَّها ... على قُمَّة العُزَّى وبالنَّسْرِ عَنْدَمَا)

فَهَذَا مَثْلُ مَا ذكرنَا من إلاهة والاِلَاهَة فِي دخولِ لَام المعرفةِ الاسْمَ مَرَّةً وسُقُوطِها أُخْرى ابْن دُرَيْد وَهِي الالَيهَةُ ابْن السّكيت الضِّحُّ الشَّمْسُ نَفْسُها يُقَال جَاءَ بالضَّحِّ والرِّيحِ - إِذا جَاءَ بالشَّيْء الْكثير أَي مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشمسُ والضَّحُّ - قَرْنُ الشمسِ يُصِيبُكَ وكلُّ شَيْء أصابتْه فَهُوَ ضَحُّ يُقَال ضَحِيتُ للشمسِ - إِذا ظَهَرْتَ لَهَا وَبَرَزْت وَأنْشد ( ... رَأَتْ رَجُلاً أما إِذا الشمسُ عَارَضَتْ ... فَيَضْحى وَأما بالعَشِيِّ فَيَخْضَرُ)

قَالَ ونَظَر ابنُ عُمَرٍ إِلَى مُحْرِم قد اسْتَظَلَّ فَقَالَ اضْحَ لَمَن أحْرَمْتَ لَهُ _ أَيْن أظْهِر وَمِنْه أرضٌ ضَاحِيَةٌ - إِذا اتَّسَعَت وانْفَرَجَت عَنْهَا الجِبَالُ وَمِنْه ضَوَاحِي الرُّوم وَهُوَ مَا بَرَزَ من بلادِهم الْفَارِسِي لَيْسَ ضَحِيْتُ من الضَّحُّ ذَلِك ثنائي وَهَذَا معتل وَإِنَّمَا الضُّحِيُّ الظُّهُور والبُرُوز إِلَى الشَّيْء وَقد ضَحِيتُ ضُحُوَّاً وضُحِيَّا - بَرَزْتُ للشمس واسْتَضْحَيْتُ للشمس - قَعَدْتُ عندَها فِي الشتَاء خاصَّةً صَاحب الْعين الضِّحُّ - ضَوْءُ الشمسِ إِذا تمكن من الأرضِ وَقيل هُوَ ضَوْءُها عامَّةً والضِّحُّ - الأرضُ البَرازُ مِنْهُ والضِّيحُ لغةٌ فِي الضِّحِّ من الشَّمْس عليّ أُرَى الضِّيحَ من مُحَوَّلِ التَّضْعِيف وَإِن كَانَ ذَلِك أَكْثَره فِي اللَّام نَحْو تَظَنَّيْتُ وتَقَضَّيْتُ وَسَيَأْتِي ذَلِك صَاحب الْعين الضَّحَاءُ مَمْدود الشمسُ ابْن السّكيت وَيُقَال للشمس الجَوْنَة - سُمِّيَت بذلك لِأَنَّهَا تَسْوَدُّ حِين تَغِيبُ والجَوْنُ الأسْوَدُ والأبيضُ قَالَ وعَرَضَ أّنَيْسُ الجَرْمِيُّ على الحَجَّاج دِرْعَ حَدِيدٍ وَكَانَت صَافِيَة فَجَعَلَ لَا يَرَى صفَاءَها فَقَالَ أّنَيْسٌ أَن الشَّمْس جَوْنَةٌ - أَي شدِيدةُ الضَّوْءِ فقد غَلَبَ ضَوْءُها بياضَ الدَّرْع وَأنْشد ( ... يُبَادِرُ الأَثْآرَ أَن تَؤُبا ... وحاجِبَ الجَوْنَةِ أَن يَغِيبَا)

الأثْآرُ جمع ثَأْرٍ صَاحب الْعين الجَوْنَةُ - عينُ الشمسِ ثَعْلَب الشمسُ جَوْنَةٌ بَيِّنَةُ الجُونَةِ حَكَاهَا عَن الفَرَّاء ابْن السّكيت يقالُ لَهَا الْجَارِيَة سُمِّيَت بذلك لِأَنَّهَا تَجْرِي من المَشْرِق إِلَى الْمغرب وَيُقَال لَهَا الغَزَالة أَيْضا وَأنْشد فِي ذَلِك ( ... تَوَضَّحْنَ فِي قَرْنِ الغَزَالَةِ بَعْدَمَا ... تَرِشَّفْنَ دِرَّاتِ الرِّهَامِ الرَّكَائِكِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>