(بَاكَرْتُه قبلَ الغَطَاطِ اللُّغْطِ ... وَقَبْلَ أفْرَاطِ الصَّبَاح الفُرَّطِ)
أَبُو حنيفَة وَيُقَال حِينَئِذٍ فَتَقَ الصَّباحُ يَفْتُقُ فُتُوقاً وانْفَتَقَ ابْن دُرَيْد صُبْحٌ فَتِيقٌ مُشْرِقُ أَبُو حنيفَة انْشَقَّ الصُّبْحُ وانْصَاحَ ساحَ سُيُوحاً وانْبَسَطَ وانْفَسَحَ وأَفْصَحَ وفَجَرَ يَفْجُرث فَجْراً وتَفَجَّرَ وانْفَجَرَ عَنهُ الليلُ الْفَارِسِي أفْجَرْنَا دَخَلْنَا فِي الفَجْرِ وَأنْشد
(فَمَا أَفْجَرَتْ حَتَّى أهَبَّت بِسُدْفَةٍ ... عَلَاجِيمَ عَيْنٍ ابْنَي صُبَاحٍ تُثِيرُهَا)
ابْن السّكيت أنْتَ مُفْجِرٌ من ذَلِك الوقتِ إِلَى أَن تَطْلُعَ الشمسُ صَاحب الْعين عَطَسَ الصُّبْحُ انْفَلَقَ وَبِه سُمِّيَ عَاطِساً غَيره عَمُودُ الصُّبْح ابتداءُ ضَوْئِه أَبُو حنيفَة فَإِذا انْتَشَر يَمِينا وَشمَالًا قَالُوا لَاحَ الفَلَقُ والفَرَقُ وَقد انْفَلَقَ وانْفَرَقَ صَاحب الْعين فَلَقَهُ اللهُ أبداه وأوْضَحَهُ وَفِي التَّنْزِيل {فالِقُ الإِصٍبَاحِ} {الْأَنْعَام ٩٦} أَبُو حنيفَة وَهُوَ حينئذٍ الصَّدِيعُ لانْصَدَاعِهِ من اللَّيْل وَيُقَال حِينَئِذٍ نَوَّرَ صَاحب الْعين وَهُوَ النُّورُ والجمعُ أنْوَارٌ أَبُو زيد وَقد نَارَ نَوْراً وأنار واسْتَنَارَ واسْتَنَرْتُ بِهِ اسْتَمْدَدْتُ شُعَاعَهُ وأنارَ النُّورُ المَكَانَ والمَنارةٌ والمَنَارُ النُّورُ أَبُو حنيفَة أضَاءَ وَضَاءَ وَهُوَ الضَّوءُ والضُّوءُ غير وَاحِد وَهُوَ الضِّياءُ وَفِي التَّنْزِيل {جَعَلَ الشمسَ ضِيَاءً} {يُونُس ٥} الْفَارِسِي الضِيَاءُ لَا يَخْلُو فِي قَوْله تَعَالَى {جَعَلَ الشمسَ ضِيَاءً} من أحد أَمريْن إِمَّا أَن يكونَ جَمْعَ ضَوْءٍ كَسَوْطٍ وسِيَاطٍ وحَوْضٍ وحِيَاضٍ أَو مَصْدَرَ ضَاءَ يَضُوءُ ضِيَاءً كَقَوْلِه عاذَ عِياذاً وقامَ قيَاما وعَادَ عِيادةً وعَلى أَي الْوَجْهَيْنِ جَعَلْتَ فالمضافُ محذوفٌ الْمَعْنى جَعَلَ الشَّمْس ذَا ضِيَاءٍ والقَمَر ذَا نورٍ أَو يكونُ جُعلا النورَ والضَّياءَ لِكَثْرَة ذَلِك مِنْهُمَا فَأَما كونُ الهمزةِ فِي مَوضِع الْعين من ضِياء فَيكون على الْقلب كَأَنَّهُ قَدَّم اللامَ الَّتِي هِيَ همزَة إِلَى مَوضِع الْعين وأخَّرَ الْعين الَّتِي هِيَ وَاو إِلَى مَوضِع اللَّام فَلَمَّا وَقعت طَرَفاً بعد الألفِ انقلبتْ همزَة كَمَا انقلبتْ فِي شَقَاءٍ وغَلَاءٍ وَهَذَا إِذا قَدِّرْتَه جمعا كَانَ أسْوَغَ أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا قَوْسٌ وقِسِيٌّ فَصَحَّحُوا الواحدَ وقلبوا فِي الْجمع وَإِذا قَدَّرْتَهُ مَصْدراً كَانَ أبْعدَ لِأَن المَصْدَرَ يَجْرِي على فِعْلِهِ فِي الصِّحَّة والاعتِلَالِ والقلبُ ضَرْبٌ من الاعتلالِ وَإِذا لم يكن فِي الْفِعْل لم يَنْبَغِ أَن يكونَ فِي المصدرِ أَيْضا أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا لَاوَذَ لِوَاذاً وبايَعَ بِيَاعاً فصححوها فِي الْمصدر لصحتها فِي الْفِعْل وَقَالُوا قَامَ قيَاما فأعَلُّوه لاعتلاله فِي الفَعْل أَبُو حنيفَة السُّطُوع كالضِّيَاءِ وَقد سَطَعَ يَسْطَعُ سُطُوعاً صَاحب الْعين السَّطِيعُ الصُّبْحُ أَبُو عبيد جَشَرَ الصُّبْحُ يَجْشُرُ جُشَوراً طَلَعَ وَمِنْه الشَّرْبَةُ الجَاشِرِيَّةُ للَّتِي مَعَ السَّحَرِ أَبُو حنيفَة الجُشّور السُّكثوع جَشَرَ يَجْشُرُ فَإِذا احْمرَّ بعد ذَلِك واتَّسَعَ فقد بَلَجَ يَبْلُجُ بُلُوجاً وانْبَلَجَ وتَبَلَّجَ فَهُوَ أبْلَجُ وَهِي البُلْجَة والبَلْجَةُ أَبُو عبيد جِئْنَاكَ مُبْلِجِينَ وَمِنْه بَلَجَ الأمْرُ أَي وَضَحَ وَقد تقدَّم أَنَّهُمَا آخِرُ اللَّيْلِ أَبُو حنيفَة فَإِذا كانَ بعد ذَلِك بشيءٍ فَعَرَفْتَ المَارَّ وَلَو كَانَ بساعةٍ قِيلَ أسْفَرَ صَاحب الْعين سَفَرَ وأسْفَرَ والسَّفَرُ بَيَاضُ النَّهَارِ وَقد أسْفَرَ القومُ وَأنْشد الفارسيُّ فِي وصف كمْأة
(ومَرْبُوعَةٍ ربْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُهَا ... بِكَفَّيِّ مِنْ دَوِيَّة سَفَراً سَفْرا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute