فنَوءُه نوءٌ محمودٌ مَذْكُور جَيًّدُ الوقتِ عَزِيز الفَقْدَ وَأما الرّشاءُ فَمَا أقَلَّ مَا يُذْكَر نَوءُه غَلَب عَلَيْهِ مَا قبلَه وَمَا بعَده وَأما الشَّرَطان فَنَوْءُه من الأنواء الْمَذْكُورَة المحمودة وَأما البُطَين فَنَوْءُه غير محمودٍ وَلَا مذكورٍ وَلَا محبوبٍ ليُمْطِرَ وَأما الثُّرَيَّا فَإِن نَوْأَهَا من الأنواء الْمَذْكُورَة المُقَدَّمةِ فِي الحَمْدِ والفضلِ وَأما الدَّبِرانُ فمكروهُ النَّوْء غيرُ مَحْبوبٍ وَأما الهَقْعَة فنَوءُها داخِلٌ فِي أنواء الجَوْزَاء وأنواءُها محمودة لَا تَكاد الهَقْعَة تُذْكَر مُفْردَة فَهَذِهِ أنواء الخريف وَأما أنواءُ الشتاءِ فَإِن أنواءَه الأربعةَ الأُوَلْ شَيِيَّةٌ وَهِي الهَنْعَة والذِّراع والنَّثْرة والطَّرْف وأنواءُهُ الثلاثةُ الْبَاقِيَة دَفِئيَّة وَهِي الجَبْهَة والزّبْرة والصَّرْفَة وَإِنَّمَا سميت دَفَئِيَّة لِأَنَّهَا فِي دُبُرِ الشتاءِ وقُبُلِ الصَّيْفِ وابْتِدَاءِ الدِّفْءِ فَأَما أَبُو عبيد فَقَالَ كلُّ مِيرةٍ يَمْتَارُونَهَا قُبُلَ الصَّيف فِيهِ دَفَئِيَّةٌ بعد أَن جَعَلَ الدَّفَئِيَّ من الصَّيف وَالْحَمِيم يُقَال دَفَئِيٌّ ودَثَئِيٌّ على مِثَال عَرَبِيّ وعَجَمِيّ صَاحب الْعين الرِّبْعِيَّةُ مِيرةُ الرَّبِيع وَقيل هِيَ أول الشتاءِ وَقَالُوا إِذا طَلَعَ السِّمَاكُ بَعَثْنَا الرِّبْعِيَّ وَهِي العِيراتُ معَها القومُ يمتارونَ التمرَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي أول البيع أَبُو حنيفَة فَأَما الهَنْعَةُ فَنَوْءُها داخلٌ فِي أنواءِ الجَوْزَاءِ اشتملتْ عَلَيْهَا فَلَا تُفْرَد بِذِكْرٍ وَأما الذِّراعُ فَنَوْءُها مذكورٌ محمودٌ مقدَّم فِي الفَضْل وَأما النَّثرة فَكَذَلِك هِيَ أَيْضا محمودةُ النَّوْءِ مذكورتُه وَأما الطَّرْفُ فَنَوْءُهُ داخِلٌ فِي جملةِ أنواءِ الأسدِ فَلَا يكَاد يُفْرَد وَأما الجَبْهَة فنَوْءُها من أذْكَر الأنواء وأشهرِها وأفضلِها وأحبِّها إِلَيْهِم وأعَزِّهَا فَقْداً وَأما الزُّبْرة فقَلَّمَا تُفْرَد لَغَلَبَةِ الجبهَةِ عَلَيْهَا وَأما الصَّرْفَة فغَلَبَتْ أنواءُ الأسدِ عَلَيْهَا فَلَا تُذْكَر بِبَرْدٍ فَهَذِهِ أنواءُ الشَّتِيِّ وَأما انواءُ الصَّيْفِ فَإِن الخمسةَ الأُوَلَ مِنْهَا وَهِي العَوَّاءُ والسِّمَاكُ والغَفْر والزُّبَانَى والإِكْلِيلُ صَيِّفٌ وَأما نَوْآهُ الباقِيانِ فَحَمِيمٌ سُمِّيَا حَمِيماً لِأَن أمطارهما تجيءُ فِي حَرَكَة من الحَرِّ فَأَما السِّمَاكُ فَإِن نَوْءَهُ من الأنواء الْمَذْكُورَة المشهورةِ المحمودةِ وَأما الغَفْرُ فقلَّما يُذْكَر نوءُه لغَلَبَة السِّمَاك عَلَيْهِ ويَزْعَمُونَ أَنه لَا يكَاد يَعْدَم نَوْءَهُ ضَرِيباً وَأما الزُّبانِيَ والإكليلُ القَلْبُ والشَّوْلَةُ فَقَلَّما تُذْكَرُ أنواءُ هَذِه الأَنْجُمِ فِي الأنواءِ وَرُبمَا ذُكِرَت العَقْرَبُ مُجْمَلَةً فَإِذا تَجَاوَزْتَ السِّمَاكَ إِلَى مَا بعده من الأنواء غَلَب على وَقتهَا الحَرُّ فكَثُرَ خَيُّها وإخْلافُها وهانَ فَقْدُها وَلم يكن لأمْطَارَها إِن أمْطرت نَزَلٌ وَهُوَ وقتُ شِدَّة الحَرِّ وهَيْجُ الأَرْض وهُبُوبِ البوارِح وَرُبمَا كَانَ فِي بَعْضهَا المطرُ الجَوْدُ والحَفْشُ المُسِيل فَهَذِهِ أنواء الصَّيْفِ فَأَما أنواءُ الخَرِيف وَهُوَ فَصْلُ القَيْظِ فَإِن أنواءَه الْأَرْبَعَة المتقدِّمَةَ وَهِي النعائمُ والبَلْدة وسَعْدُ الذابِح وسَعْدُ بُلَع رَمَضِيَّةٌ وشَمْسِيَّة سميت بذلك لشدةِ الحَرِّ فِي أَيَّامهَا وَأما أنواؤُه الثلاثةُ الْبَاقِيَة فَخَرْفِيَّةٌ وَهِي سَعْدُ السُّعُودِ وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ والفَرْغُ المُقَدَّمُ وَإِنَّمَا سميت خَرِيفًا لِأَنَّهَا تمطِرُ فِي أَيَّام صِرام النّخل وَهِي آخَرُ أمطار القيظِ وأمطارُ آخِر السنةِ قَالَ سِيبَوَيْهٍ النَّسَب إِلَى خَرِيف خَرْفِيٌّ وخِرْفِيٌّ وَهُوَ من شاذِّ النَّسَبِ كَأَنَّهُمْ بَنَوا الاسمَ على خَرْفٍ أَبُو عبيد خُرِفَتِ الأرضُ وَقَالَ عَامَلْتُه مُخَارَفَةً من الخَرِيفِ وأخْرَفَ القومُ دَخَلُوا فِي الخَرِيفِ ابْن السّكيت أصابِتْنَا صَيْفَةٌ غَزِيرةٌ يَعْنِي الصَّيْفَ أَبُو حنيفَة فَأَما النَّعَائِمُ والبَلْدَةُ والسُّعُود الأربعةُ فَنُجُوم لَا ذِكْرَ لإنْوَائِها وَلَا مُبالاة بخَيِّهَا وَأما الفَرْغُ المُقَدَّم فَإِن نوءَه من الأنواء الْمَشْهُورَة الْمَذْكُورَة المحمودة النافعةِ لِأَنَّهُ إرهاصُ للوَسْمِيِّ ومُقَدِّمَةٌ لَهُ بَين يَدَيْهِ ومُوَطِّيءٌ لَهُ وفَرَطٌ وَهُوَ والفَرْغُ الآخَرُ فَرْغا الدَّلْوِ وأمطار الدَّلْو مَوْصُوفَة بالنفع وجَوْدَة المَوْضِع فَهَذِهِ أنواءُ أنواءُ الخَرِيفِ فَهَذِهِ أمطارُ جَمِيع السّنة قد ذكرنَا أنواءَها وَصَنَّفْناها وذَكَرْنَا مَوَاقِيتَها قَالَ أَبُو حنيفَة وأنتَ إِذا قِسْتَ ذَلِك إِلَى أَوْقَاتهَا ببلادنا هَذِه وببلادِ العِراق وجدتَ وقتَ الْمَطَر الَّذِي وَصَفْنَاه بِبِلَاد الْعَرَب مُتَقدِّماً لوقته ببلادنا وعَسَى أَن تظُنَّ من أجْلِ بَرْدِ بِلادنا أَنه يَنْبَغِي أَن يكون بهَا أسرعَ فَلَا تظنَّنَ ذَلِك فَإِنَّهُ هُنَالك أسرعُ وَقد صَدَقَ ابْن كُناسة فِي قَوْله إِن أهل الْيمن يُمْطَرُونَ فِي القَيْظِ ويُخْصِبُون فِي الرّبيع يَعْنِي بِالربيعِ الزمانَ الَّذِي هُوَ عندنَا وَعند أهل الْعرَاق الشتاءُ وَإِن أهل الْعرَاق يُمْطَرُون فِي الشتَاء ويُخًصِبُون فِي الصَّيف وَهَذَا كَمَا قَالَ وَإِذا أحببتَ أَن تَسْتَيْقِنَ ذَلِك فانْظُر إِلَى زمانِ مَدِّ النّيل فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute