ارْتَعَجَ البرقُ تَتَابَعَ وَكَثُرَ ابْن دُرَيْد وَهُوَ الرَّعْجُ والرَّعَجُ وَقد أَرْعَجَ وَدَعَجَ وأَرْعَجَنِي هَذَا الأَمْرُ ورَعَجَنِي أقْلَقَنِي وَقَالَ اسْلَنْقَعَ البرقُ لَمَعَ لَمعاناً مُتَتَابعاً وَهُوَ السِّلِنْقَاعُ أَبُو حنيفَة فَأَما السَّنَا فَهُوَ أَن تَرَى ضَوْءَ البَرْقِ وَلَا تَرَى أَصْلَه وَذَلِكَ إِذا كَانَ سَحَابُه نازِحاً لَا تَرَاهُ وَقد سَنَا يَسْنُو سَنَاءً ظَهَرَ سَنَاهُ وجمعُ السَّنَا أسْنَاءٌ ابْن السّكيت ويُثَنَّى سَنَيانِ وسَنوانِ ابْن جني فَأَما قِراءة من قَرَأَ {يَكَادُ سَنَاءُ بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأَبْصَارِ} فَإِن السَّنَاء بالمدِّ الارتفاعُ فَلَمَّا كَانَ سَنَا البَرْقِ مُسْتَطِيراً مُرتفعاً ساغَ فِيهِ المَدُّ ذَهاباً إِلَى الِارْتفَاع أَبُو زيد تَلأْلأَ البرقُ وَهُوَ السريعُ الخفيفُ المُتَتَابَعُ ومَصَعَ يَمْصَعُ ورَمَحَ يَرْمَحُ رَمْحاً كَذَلِك صَاحب الْعين خَطِفَ البرقُ البَصَرَ ذَهَبَ بِهِ ابْن دُرَيْد خَطِفَه يَخْطَفُه وَفِي التَّنْزِيل {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أبْصَارَهم} {الْبَقَرَة ٢٠} وَقد قريء بِكَسْر الطَّاء عليّ وَكَذَلِكَ الشُّعاعُ والسيفُ وكُلُّ جِرْم صَقِيلٍ أَبُو حنيفَة وَإِذا بَرَقَتْ السماءُ حَتَّى تُطْعِمُكض فِي الْمَطَر ثمَّ أخْلَفَتْ فَلم تُمْطِر فَذَلِك البرقُ خُلَّبٌ أُخِذَ من الخِلَابَةِ وَهُوَ الخِدَاعُ غَيره البرقُ الخُلَّبُ الَّذِي يُومِضُ حَتَّى تَرْجُو المَطَرَ ثمَّ يَعْدِلَ عنكَ وَأنْشد
(لَمْ يَكُ مَعْرُوفُكَ بَرْقاً خُلَّبا ... )
أَبُو زيد بَرْقُ الخُلَّب وبَرْقٌ خُلَّبٌ أَبُو حنيفَة اليَلْمَعُ كالخُلَّب ابْن دُرَيْد بَرْقٌ إلَاقٌ كبَرْقٍ خُلَّبٍ سَوَاءً أَبُو حنيفَة والشَّيْمُ نَظَرُكَ إِلَى البرقِ رأيتَ سحابَهُ أَو لم تَرَهُ وعَلَاكَ أَو لم يَعْلُكَ وَقد شِمْتُ الْبَرْق شَيْماً قَالَ زُهَيْر فِيمَا عَلَاكَ وَقد كنت تَحْتَ وَدْقِهِ ووصَفَ وَحْشاً
(يَشْمِنُ بُروقَه ويَرُشَّ أرْيَ الْجَنُوبَ ... على حَوَاجَبِها العَمَاءُ)
والشَّيْمُ فِيمَا بَعُدَ أَكثر فِي الْكَلَام مِمَّا أَظَلَّكَ وَقد يكونُ الشَّيْمُ لما بَعُدَ من النارِ قَالَ ابْن مُقْبِل فِي الشَّيْمِ غيرِ النَّظَرِ إِلَى البَرْقِ وذَكَرَ طارِقاً
(وَلَو تُشْتَرَى منهُ لَباعَ ... بنَبْحَةِ كَلْبٍ أَو بِنَارٍ يَشِيمُهَا)
فَجَعَلَ النَّظَرَ إِلَى النَّار الْبَعِيدَة شَيْماً وَقَالَ ذُو الرمة حَتَّى إِذا الهَيْقُ أَمْسَى شَامَ أَفْرُخَهُ ... وهُنَّ لَا مُؤْيِسٌ نَأْياً وَلَا كَثَبُ)
فَجَعَلَ نَظَرَ الهَيْقِ إِلَى الشَّقِّ الَّذِي فِيهِ أَفْرُخُه شَيْماً وَقَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي فِي الخَالِ الَّذِي ذَكَرَتِ العَرَبُ فِي أشعارِها هُوَ البرقُ وَأنْشد
(أَلَمْ أَكُ ذَا قُرْبَى وَحَقِّي وَاجِبٌ ... فَتُخْبِرَنِي بالْخَالِ أَيْنَ يُصِيبُ)
(فَقَالَ يُصِيبُ الشيءَ من بَطْنِ ذِي حُساً ... وَمَا ذُو حُساً من سُوقِةٍ بقريبِ)
وَقد يجوز أَن يكون الخالُ فِي هَذَا الْبَيْت غيرَ مَا قَالَ وَلكنه قَالَ كثير
(يَشِمْنَ بآفاقِ ابْن لَيْلَى مَخِيلَةً ... عَرِيضاً سَنَاهَا مُكْفَهِرّاً صَبِيرُها)
فَهَذِهِ المَخِيلَةُ هُوَ الْبَرْق قَالَ وَقَالَ أَبُو زِيَاد وَينظر الناسُ إِلَى السَّمَاء عَشِيَّة فَيَقُولُونَ إِنَّهَا لمُخِيلةٌ أَن تَبْرُقَ الليلةَ أَي أَنَّهَا شَبِيهَةٌ أَن يكونَ ذاكَ قَالَ وَإِن رأوْا سحاباً حِين يُمْسُونَ وَلم يَرَوْا بَرْقاً فَلَيْسَ بخالٍ وقولُ الهُذَلِيِّ شاهِدٌ لأبي زِيَاد
(أُخِيلُ بَرْقاً مَتَى حابٍ لَهُ زَجَلٌ ... إِذا يُفَتَّرُ من)