للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِعْرًا: ... وَمَا هِيَ إلا سَاعَةٌ ثُمَّ تَنْقَضِي ... وَيَذْهَبُ هَذَا كُلُّهُ وَيَزُولُ

فإن غلب عَلَيْهِ المرض عذر، وقَالَ الإِمَام أحمد لابْنِهِ: أقرا عليَّ حديث طاووس أنه كره الأنين فِي المرض فقرأ عَلَيْهِ فَمَا أَنَّ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ.

وَلَمَّا احْتُضِرَ صَفْوانُ بنُ سُلَيْمِ وحضره أخوه فجعل يَتَقَلَّبُ قَالُوا: كَانَ لَهُ حاجة. قال: نَعَم.

فَقَالَتْ ابْنَتُهُ: مَا لَهُ مِنْ حَاجَةٍ إِلا أنه يُرِيدُ أَنْ تَقُومُوا عَنْهُ فَيَقُومُ فَيُصَلِّي، وَمَا ذَاكَ فِيهِ.

فقامَ القَومُ عَنْهُ وقامَ إِلَى مَسْجِدِه يُصَلِّي فصاحت ابنته بِهِمْ فدخلوا عَلَيْهِ فحملوه فمَاتَ.

ودخلوا على أحد السَّلَف وَهُوَ يعاني سكرات الموت فجعل يكبر ويُهَلل ويذكر الله عَزَّ وَجَلَّ وجعل النَّاس يدخلون عَلَيْهِ أرسالاً يسلمون عَلَيْهِ فيرد عَلَيْهمْ ويخرجون.

فَلَمَّا كثروا عَلَيْهِ أقبل على ولده فقَالَ: يَا بُنَيَّ أَعْفِنِي رُدَّ السَّلام على هؤلاء لا يشغلوني عَنْ ربي عَزَّ وَجَلَّ.

وقَالَ أبو مُحَمَّد الحريري: حَضَرْتُ عِنْدَ الْجُنَيْدِ قَبْلِ وَفَاتِهِ بِسَاعَتَيْنَ فَلَمْ يَزَلْ تَالِيًا وَسَاجِدًا فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْقَاسِم قَدْ بلَغَ بِكَ مَا أَرَى مِنْ الْجُهْدِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد أَحْوَجُ مَا كُنْتُ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَة فَلَمْ يَزَلْ تَالِيًا وَسَاجِدًا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا وَخَرَجَ مَنْهَا عَارِيًا كَمَا دَخَلَهَا عَارِيًا.

وَهَكَذَا كُلُّ بَنِي آدم يدخل الإِنْسَان مُجَرَّدًا مِن اللباس وَيَخْرُجُ مِنْهَا عَارِيًا إِلا مِنْ كَفَنِهِ كَمَا قِيْلُ:

شِعْرًا: ... نَصِيبُكَ مِمَّا تَجْمَعُ الدَّهْرَ كُلَّهُ ... رِدَاءآنِ تُلْوَى فِيهِمَا وَحَنُوطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>