للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر: ... فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُه ... سِوَى حَنُوط غَدَاةَ الْبَيْنِ فِي خِرَقِ

وَغَيْرَ نَفْحَةِ أَعْوَادٍ تُشَبُّ لَهُ ... وَقَلَّ مِنْ زَادٍ لِمُنْطَلِقِ

أَوْجَدَهُ اللهُ جَلَّ وَعَلا لِيَتَعَلَّمَ وَيَعْمل بِطاعة الله وَيَتَمَتَّعَ بِخَيْرَاتِ الدُّنْيَا مُسْتَعِينًا فِيهَا عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ حَتَّى إِذَا انْقَضَى أَجَلُهُ أَخْرَجَهُ اللهُ لِدَارِ الْجَزَاءِ وَالْمُحَاسَبَةِ عَلَى عَمَلِهِ.

فإنْ أَحْسَنَ التَّصَرُّفَ وَأَطَاعَ رَبَّهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ لِيَسْعَد فِيهَا لِلأَبَد، وإِنْ أساء التَّصَرُف وَعَصَى رَبَّهُ أَدْخَلَهُ نَارَ جَهَنَّمَ يَتَعَذَّبُ فِيهَا لِلأَبَد.

وكل ما فِي الدُّنْيَا من أَمْتِعَةٍ وَلَذَائِدَ قليلة وضئيلة ومحدودة بِالنِّسْبَةِ لِلَذَائِد الْجَنَّة بل موضع السوط فِي الْجَنَّة خَيْر من الدُّنْيَا وما فيها.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

والمكث فِي الدُّنْيَا قليل فهو سنوات تمر كالبرق الخاطف لا يشعر الإِنْسَان إلا وقَدْ انْتَهَتْ كأنها سَاعة مِن نهار حَيَاتهُ كُلّهَا.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} ومِن النَّاس مَن رَآها دَارَ قَرَار، وقَالَ: لا دَارَ لِيَ سِوَاهَا واعْتَنَى بِهَا وَبِزَخَارِفَِِها وَغَرَّهُ إِبْلَيْسَ لَعَنَهُ اللهُ وَزِيَّنَهَا لَهُ فَانْغَمَسَ فِيهَا، وَعَمِلَ لَهَا لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ وَتَعِبَ فِيهَا مُسْتَمْتِعًا بِخَيْرَاتِهَا الْفَانِيَةِ وَمُلاقٍ بَلاءَهَا وَأَنْكَادَهَا وَأَكْدَارَهَا، وَبَعْدَ قَلِيل هَجَم عَلَيْهِ هَادِمُ اللَّذاتِ وَأَيْقَظَهُ من غَفْلَتِه بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ فَنَدَمَ حَيْثُ لا يَنْفَعُ النَّدَمِ وَعَرَفَ بَعْدَ الْفَوْت أَنَّ الدُّنْيَا دَارَ مَنْ لا دَارَ لَهُ وَلَهَا يَجْمَعُ من لا عَقْلَ لَهُ.

(فَصْلٌ) : وَقِسْمٌ مِن النَّاس وَفَّقَهُم اللهُ وَهُوَ أَعْلَمْ بالمهتدين فأسْعَدهم بالإسلام وَوَفَّقَهُمْ لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>