للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا لِلْمُحِبِّينَ قَرَارٌ إِلا يَوْمَ الْمَزِيد فَمَثِّلْ لِقَلْبِكَ الاسْتِرَاحَة تَحْتَ شَجَرة طُوبَى يَهُنْ عَلَيْكَ النصب والتعب.

وَاسْتَحْضِر يَومَ الْمَزِيد يَهُنْ عَلَيْكَ مَا تَتَحَمَّلُ مِنْ أَجْلِهِ.

مَتَى رَأَيْتَ الْعَقْلَ يُؤَثِّرُ الْفَانِي عَلَى الْبَاقِي فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ مُسِخَ.

وَمَتَى رَأَيْتَ الْقَلْب قَدْ ترحل عَنْهُ حب الله والاستعداد لِلقائه وحل فيه حب المخلوق والرِّضَا بالحياة الدُّنْيَا وَالطُّمَأْنِينَةِ بِهَا فاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ خُسِفَ بِهِ.

وَمَتَى أَقْحَطَتِ الْعَيْنُ مِن الْبُكَاء مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَعَالَى فَاعْلَمْ أَنَّ قُحْطَهَا مِن قَسْوَةِ الْقَلْب.

وَمَتَى رَأَيْتُ نَفْسَكَ تَهْرَبُ مِن الأُنْسِ بِاللهِ إِلَى الأُنْسِ بِالْمَخْلُوق وَمِنْ الْخُلْوَة مَعَ اللهِ إِلَى الْخُلْوَة مَعَ الْمَخْلُوقِ فَاعْلَمْ أَنَّها لا تصلح لله.

مَن رَكِبَ ظهر التفريط والتواني والكسل نَزَلَ بدارِ الْعُسْرَةِ والندامة.

مَنْ أَدْلَجَ فِي غياهب الليل على نجائب الصبر صَبَّحَ منزل السرور.

وَمَنْ نَامَ عَلَى فِرَاشِ الْكَسَلِ أَصْبَحَ مُلْقًا بِوَادِي الأَسَف.

(فائدة نفيسة) : يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أن يتأملها ويأخذ لمستقبله فِكرة، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاء: لَمْ أَزَلْ بُرْهَةً مِنْ عُمْرِي انْظُرُ اخْتِلافَ الأُمَّةِ وَالتمَسُ المنهاجَ الْوَاضحَ وَالسَّبِيل الْقَاصِدَ وَأطلبُ مِن الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَاسْتَدِلُ عَلَى طَرِيقِ الآخِرَة بِإِرْشَادِ الْعُلَمَاء.

وَعَقَلْتُ كَثِيرًا مِن كَلام اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِتَأَوِيلِ الْفُقَهَاءِ وَتَدَبَّرْتُ أَحْوَالَ الأُمَّةِ وَنَظَرْتُ فِي مَذَاهِبِهَا وَأَقَاوِيلِهَا فَعَقَلْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا قُدِّرَ لِي.

وَرَأَيْت اخْتِلافَهُم بَحْرًا عَمِيقًا غَرِقَ فِيهِ نَاسٌ كَثِير وَسَلِمَ مِنْهُ عِصَابَةُ قَلِيلَة، وَرَأَيْتُ كُلَّ صَنْفٍ مِنْهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ النَّجَاةَ لِمَنْ تَبِعَهُم وَأَن الْمَهَالِكَ لِمَنْ خَالَفَهَمْ. ثُمَّ رَأَيْتُ النَّاسَ أَصْنَافًا فَمِنْهُمْ الْعَالِمُ بِأَمْرِ الآخِرَة لِقَاؤُهُ عَسِير وَوُجُودُهُ عَزِيز. وَهُوَ يُعِدُّ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا لِثَوَاب الآخِرَة وَالْقُرْبِ مِنْ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>