وَمِنْهُمْ الْجَاهِلُ فَالْبُعْد مِنْهُ غَنِيمَة.
وَمِنْهُمْ الْمُتَشبَهُ بالْعُلَمَاءِ مَشْغُوفٌ بِدُنْيَاهُ مُؤَثِّرٌ لَهَا.
وَمِنْهُمْ حَامِلُ عِلْمٍ مَنْسُوبٌ إِلَى الدِّين مُلْتَمِسٌ بِعِلْمِهِ التَّعْظِيمَ وَالْعُلُوَّ، يَنَالُ بِالدِّينِ مِنْ عَرَض الدُّنْيَا.
وَمِنْهُمْ حَامِلُ عِلْمٍ لا يَعْلَمُ تَأْوِيلَ مَا حَمَلَ.
وَمِنْهُمْ الْمُتَشَبِّهُ بِالنُّسَّاكَ مُتَحَرٍّ لِلْخَيْرِ لا غِنَاءَ عِنْدَهُ وَلا نَفَاذَ لِعِلْمِهِ وَلا مُعْتَمَدَ عَلَى رَأْيِهِ.
وَمِنْهُمْ الْمَنْسُوبُ إِلَى الْعَقْلِ وَالدَّهَاءِ مَفْقُودُ الْوَرَعِ وَالتُّقَى.
وَمِنْهُمْ شَيَاطِينُ الإِنْسَ عَنْ الآخِرَة يَصُدُّونَ وَعَلى الدُّنْيَا يَتَكَالَبُون وَإلى جَمْعِهَا يُهْرَعُونَ وَفِي الاسْتِكْثَارِ مِنْهَا يَرْغَبُونَ.
فَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَحْيَاء وَفِي الْعُرْفِ مَوْتَى.
فَتَفَقَّدْتُ فِي الأَصْنَافِ نَفْسِي وَضِقْتُ بِذَلِكَ ذَرْعَا فَقَصَدْتُ إِلَى هُدَى الْمُهْتَدِين بِطَلَبِ السَّدَادِ وَالْهُدَى وَاسْتَرْشَدْتُ الْعِلْمَ وَأَعْمَلْتُ الْفِكْرَ وَأَطَلْتُ النَّظَر.
فَتَبَيَّنَ لِي مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وسُنَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ أَنَّ إتِّبَاعَ الْهَوَى يُعْمِي عَنْ الرُّشْدِ وَيُطِيلُ عَنْ الْحَقِّ وَيُطِيلُ الْمُكْثَ فِي الْعَمَى.
فَبَدَأْتُ أَوَّلاً بِإسْقَاطِ الْهَوَى عَلَى قَلْبِي وَوَقَفْتُ عِنْدَ اخْتِلافِ الأُمَّةِ مُرْتَادًا لِطَلَبِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ.
حَذَرًا مِنْ الأَهْوَاءِ الْمُرْدِيَةِ وَالْفِرْقَةِ الْهَالِكَةِ مُتَحَرِّزًا مِنْ الاقْتِحَام قَبْلَ الْبَيَانِ وَالتَمِسُ سَبِيلَ النَّجَاةِ لِنَفْسِي.
ثُمَّ وَجَدْتُ بِاجْتِمَاعِ الأُمَّةِ فِي كِتَابِ اللهِ الْمُنَزَّل أَنَّ سَبِيلِ النَّجَاةِ فِي التَّمَسُّكِ بِتَقْوَى اللهِ وَأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَالْوَرَعُ فِي حَلالِهِ وَحَرَامِهِ وَجَمِيع حُدُودِهِ. وَالإِخْلاص لله تَعَالَى بِطَاعَتِهِ.