للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج

(فَصْلٌ) : قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: إخواني إِذَا تقرب النَّاس إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ بأنواع البر الظاهرة مثل الجهاد والحج والصوم والزَّكَاة والصدقة وتلاوة القران وغير ذَلِكَ، فنافسوهم فيها واجعلوا أعظم الرغبة فِي طاعة الْقُلُوب التي لا يطلع عَلَيْهَا الإنس ولا الملائكة ولا الجن، ولا يعلمها إلا علام الغيوب، فَإِنَّ القليل من أعمال البر كثير لسلامته من الرياء وَجَمِيع المكدرات.

ألا فتقربوا إِلَى الله بطاعة الْقُلُوب فَإِنَّ فيها المعرفة بعظمة الله وكبريائه وجلاله وقدرته وعَظِيم قدرته سُبْحَانَهُ وتقربوا إليه بمحابه، وبغض مكارهه، والرِّضَا والْغَضَب لَهُ وفيه، وتقربوا إليه بشدة الحب لَهُ، والحب فيه والغض من أجله، وتقربوا إِلَى الله بالمعرفة بأياديه الحسُنَّة ونعمه الظاهرة والباطنة، وأفعاله الجميلة، ومننه المتواترة على تواتر الإساءة منا، وَهُوَ جَلَّ وَعَلا وتقدس يعود بأنواع النعم عَلَيْنَا.

ألا فتقربوا إليه بالخوف من زَوَال النعم وشدة الحياء من التقصير فِي الشكر، وتقربوا بالوجل من مكر الله تَعَالَى والإشفاق على إيمانكم، وتقربوا إِلَى الله بشدة الخوف منه، وحَقِيقَة الرجَاءَ فيه، والسرور بذكره، ومناجاته، والشوق إليه، والرغبة فِي جواره، وتقربوا إِلَى الله بصدق اليقين والتوكل عَلَيْهِ والثِّقَة به وَالطُّمَأْنِينَة إليه والأُنْس به والانقطاع إليه.

وتقربوا إليه بالوفاء ولين الجانب والجناح والتواضع والخشوع والخضوع، وتقربوا إليه بالحلم والاحتمال وكظم الغيظ وتجرع المرارة، وتقربوا إليه بسلامة الصدر وإرادة الْخَيْر للأمة وكراهة الشَّر لَهُمْ، وتقربوا إِلَى الله بالرأفة والرحمة والشفقة والحوطة على الْمُسْلِمِين، وتقربوا إليه بالجود والكرم والتفضل والإحسان وصدق الوفاء.

وتقربوا إليه بالقناعة والعفاف والكفاف والرضى وبالبُلْغَةِ واليأس من نائل

<<  <  ج: ص:  >  >>