للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن حكمه أن يتلقاني بكل ما أكره فَإِنَّ تلقاني بما أحب فهو فضل وإلا فالأصل هُوَ الأول.

وقَالَ بَعْضهمْ: يَا أيها النَّاس أنتم تحبون الروح والروح لله وتحبون الْمَال والْمَال للورثة وتطلبون اثنين ولا تجدونهما الرَّاحَة والفرح وهما فِي الْجَنَّة. فالواجب على الْعَبْد أن لا يوطن نَفْسهُ على الرَّاحَة فِي الدُّنْيَا ولا يركن فيها إِلَى ما يقتضي فرحًا وأنسًا وأن يعمل على قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ «الدُّنْيَا سجن المُؤْمِن» .

فتوطين الْعَبْد نَفْسهُ على المحن يهون عَلَيْهِ ما يلقاه ويجد السلوان عَنْدَ ما يهواه.

شِعْرًا: ... يُمَثِّلُ ذُو اللُّبِ فِي لُبِّهِ ... شَدَائِدَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلا

فَإِنْ نَزَلَتْ بَغْتَةً لَمْ تَرُعْهُ ... لِمَا كَانَ فِي نَفْسِهُ مَثَلا

رَأى الأَمْر يُفْضِي إِلَى آخِرِ ... فَصَيِّرَ آخِرَهُ أَوَّلا

وَذُو الْجَهْلِ يَأْمَنْ أَيَّامَهُ ... وَيَنْسَى مَصَارِعَ مَنْ قَدْ خَلا

فَإِنْ دَهَمَتْهُ صُرُوفُ الزَّمَانِ ... بِبُغْضِ مَصَائِبِهِ أَعْوَلا

وَلَوْ قَدَّمَ الْحَزْمَ فِي نَفْسِهُ ... لَعَلَّمَهُ الصَّبْرُ عِنْدَ الْبَلا

فعلى الإِنْسَان العاقل أن يتلقى ما يرد عَلَيْهِ من المصائب والهموم والغموم والانكاد بالصبر والرِّضَا والاستسلام عَنْدَ جريان الِقَضَاءِ.

فعن قريب إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ينجلي الأَمْر ويستوجب من الله جَلَّ وَعَلا جزيل الأجر والثواب والله ولي التَّوْفِيق. وقَالَ أحد الزهاد: جوع قليل، وَعُرْيٌ قليل وذل قليل، وصبر قليل وقَدْ انقضت عَنْكَ أيام الدُّنْيَا. وقَالَ آخر: الصبر جماع كُلّ فضيلة وملاك كُلّ فائدة جزيلة ومكرمة نبيلة.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>