واعْلَمْ يَا بني أن أحدًا لم ينبئ عَنْ الله كما أنبأ عَنْهُ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - فارض به رائدًا، وإلى النجاة قائدًا، فإني لم آلُكَ نصيحة، وإنك لن تبلغ فِي النظر لنفسك - وإن اجتهدت - مبلغ نظري لَكَ.
واعْلَمْ يَا بني أنه لو كَانَ لربك شريك لأتتك رسله، ولرَأَيْت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إلهٌ واحدٌ كما وصف نَفْسهُ، لا يضاده فِي ملكه أَحَدًا، ولا يزول أبدًا، ولم يزل أول قبل الأَشْيَاءِ بلا أولية، وآخر بعد الأَشْيَاءِ بلا نهاية، عَظُمَ عَنْ أن تَثْبُتَ ربوبيته بإحاطة قلب أَوْ بصر، فإذا عرفت ذَلِكَ فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله فِي صغر خطره، وقلة مقدرته، وكثرة عجزه، وعَظِيم حاجته إِلَى ربه، فِي طلب طاعته، والرهبة من عقوبته، والشفقة من سخطه، فإنه لم يأمرك إلا بحسن، ولم ينهك إلا عَنْ قبيح.
يا بني.. إني قَدْ أنبأتك عَنْ الدُّنْيَا وحالها وزوالها وانتقالها، وأنبأتك عَنْ الآخِرَة وما أعد لأهلها فيها، وضربت لَكَ فيهما الأمثال لتعتبر بها وتحذو عَلَيْهَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نعوذ بك من الشك بعد اليقين، ومن الشيطان الرجيم، ومن شدائد يوم الدين، ونسألك رضاك والْجَنَّة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللَّهُمَّ ارحمنا إِذَا عرق الجبين واشتد الكرب والأنين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.