للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نفسك عوضًا، ولا تكن عبد غيرك وقَدْ جعلك الله حرًا، وما خَيْر، لا ينال إلا بشر، ويسر لا ينال الا بعسر.

وَإِيَّاكَ أن توجف بك مطايا الطمَعَ، فتوردك مناهل الهلكة، وإن استطعت أن يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله سُبْحَانَهُ أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كَانَ كُلّ منه.

كَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ بِأَخْبَارِ مَنْ مَضَى ... وَلَمْ تَرَ فِي الْبَاقِينَ مَا يَصْنَعُ الدَّهْرُ

فَإِنْ كُنْتَ لا تَدْرِي فَتِلْكَ دِيَارُهُمْ ... عَلَيْهَا مَجَالُ الرِّيحِ بَعْدَكَ وَالْقَطْرُ

وَهَلْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ حَيًّا بِمَنْزِلٍ ... عَلَى الأَرْضِ إِلا بِالْفَنَاءِ لَهُ قَبْرُ

وَأَهْلُ الثَّرَى نَحْوَ الْمَقَابِرِ شُرّعٌ ... وَلَيْسَ لَهُمْ إِلا إِلَى رَبِّهِمْ نَشْرُ

عَلَى ذَاكَ مَرُّوا أَجْمَعُونَ وَهَكَذَا ... يَمُرُّونَ حَتَّى يَسْتَرِدُّهُمْ الْحَشْرُ

فَلا تَحْسَبَنَّ الْوَفْرَ مَالاً جَمَعْتَهُ ... وَلَكِنَّ مَا قَدَّمْتَ مِنْ صَالِحٍ وَفْرُ

قَضَى جَامِعُوا الأَمْوَالِ لَمْ يَتَزَوَّدُوا ... سِوَى الْفَقْرُ يَا بُؤْسًا لِمَنْ زَادُهُ الْفَقْرُ

بَلَى سَوْفَ تَصْحُو حِينَ يَنْكَشِفُ الْغَطَا ... وَتَذْكُرُ قَوْلِي حِينَ لا يَنْفَعُ الذِّكْرُ

وَمَا بَيْنُ مِيلادُ الْفَتَى وَوَفَاتِهِ ... إِذَا نَصَحَ الأَقْوَامُ أَنْفُسَهُمْ عُمْرُ

لأَنَّ الَّذِي يَأْتِي كَمِثْلِ الَّذِي مَضَى ... وَمَا هُوَ إِلا وَقْتُكَ الضَّيِّقُ النَّزْرُ

فَصَبْرًا عَلَى الأَوْقَاتِ حَتَّى تَحُوزَهَا ... فَعَمَّا قَلِيلٍ بَعْدَهَا يَنْفَعُ الصَّبْرُ

اللَّهُمَّ إليك بدعائنا توجهنا وبفنائك أنخنا وَإِيَّاكَ أملنا ولما عندك من الكرم والجود والإحسان طلبنا ومن عذابك أشفقنا ولغفرانك تعرضنا فاغفر لَنَا ولوالدينا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>