للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهما لَكَ هَذَا منزلك ومصيرك فيا لها من حَسْرَة ويا لها من ندامة ويا لها من عثرة لا تقَالَ.

ثُمَّ بعد ذَلِكَ الْفَنَاء والبَلاء حَتَّى تنقطع الأوصال وتتفتت العظام ويبلى جسدك ويستمر حزنك فيا حَسْرَة روحك وغمومها وهمومها، حَتَّى إِذَا تكاملت عدة الأموات وقَدْ بقى الجبار الأعلى منفردًا بعظمته وجلاله وكبريائه ثُمَّ لم يفجأك إلا نداء المنادي للخلائق للعرض على الله جَلَّ وَعَلا.

قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} يأمر الله ملكًا ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقه والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل الِقَضَاءِ.

فتصور وقوع الصوت فِي سمعك ودعائك إِلَى العرض على مالك الملك فيطير فؤادك ويشيب رأسك للنداء لأنها صيحة واحدة للعرض على الرب جَلَّ وَعَلا، قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} .

فبينما أَنْتَ فِي فزع من الصوت إذ سمعت بانشقاق الأَرْض فخرجت مغبرًا من غبار قبرك قائمًا على قدميك شاخصًا ببصرك نَحْوَ النداء، قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً} ، وقَالَ: {خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} .

فتصور تعريك ومذلتك وانفرادك بخوفك وأحزانك وهمومك وغمومك فِي زحمة الخلائق خاشعة أبصارهم وأصواتهم ترهقهم الذلة، قَالَ تَعَالَى {وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً} ، وقَالَ تَعَالَى: {خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} .

اللَّهُمَّ ثبتنا على قولك الثابت فِي الحياة الدُّنْيَا وفى الآخِرَة واتنا فِي الدُّنْيَا حسُنَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>