.. مَنْ ظَلَّ يَوْمًا كَاتِمًا لِسِرَّهِ ... أَصْبَحَ مِنْهُ حَامِدًا لأَمْرِهِ
خَيْرُ زَمَانِكَ الَّذِي سَلِمْتَا ... مِنْ شَرِّهِ لُطْفًا وَمَا اقْتَرَفْتَا
خَيْرُ النَّدَى وَأَفْضَلُ الْمَعْرُوفِ ... فِيمَا يُرَى إِغَاثُهُ الْمَلْهُوفِ
لا تَثْبُتُ النَّعْمَاءُ بِالْجُحُودِ ... وَالشُّكْرِ حَقًّا ثَمَنُ الْمَزِيدِ
مَنْ غَلَبَتْهُ شَهْوَةً الطَّعَامِ ... سُلَّ عَلَيْهِ صَارِمُ الأَسْقَامِ
تَعْصِي الإِلَهَ وَتُطِيعُ الشَّهْوَةَ ... هَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ بِالْقَسْوَةْ
مِنْ هَمُّهُ أَمْعَاؤُهُ وَفَرْجُهْ ... وَتَاهَ فِي شَهْوَتِهِ لا تَرْجُهْ
أَجْمَلُ شَيْءٍ بِالْغِنَى الْقَنَاعَةْ ... فَعُدَّهَا مِنْ أَشْرَفِ الْبِضَاعَةْ
وَهِيَ تَسُوقُ قَاصِدِيهَا لِلْوَرَعْ ... فَاعْمَلْ بِمَا عَلِمْتَهُ وَلا تَدَعْ
وَالْيَأْسُ مِمَّا فِي يَدِي الأَنَامِ ... مَنْزِلَةُ الأَخْيَارِ وَالْكِرَامِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ عَمَلَ الأَبْطَالِ ... كَسْبُ الْحَلالِ لِذَوِي الْعِيَالِ
فَإِنَّكَ الْمَسُولُ عَنْهُمْ فَاجْتَهِدْ ... وَلَيْسَ يُغْنِي عَنْكَ مِنْهُمْ أَحَدْ
مَنْ عَادَةِ الْكِرَامِ بَذْلُ الْجُودِ ... وَسُنَّةُ اللِّئَامِ فِي الْجُحُودِ
لا تَدْنُ مِمَّنْ يَدْنُ بِالْخَلابَةْ ... وَلا تَبِنْ كِبْرًا وَسُدَّ بَابَهْ
لا رَأْيَ لِلْمُعْجَبِ تِيهًا فَاعْلَمِ ... وَلا لِذِي كِبْرٍ صَدِيقٌ فَافْهَمِ
الْمَطْلُ بُخْلٌ أَقْبَحُ الْمُطْلَيْنِ ... وَالْيَأْسُ مِنْهُ أَحَدُ النُّجْحَيْنِ
وَالْبُخْلُ دَاءٍ وَدَاؤُهُ السَّخَا ... فَافْهَمْ فَفِيهِ الْعِزُّ حَقًّا وَالْعُلا
وَالْحِرْصُ دَاعِي الْخَلْقَ لِلْحُرْمَانِ ... ثُمَّ يَؤُولُ بِجَنَى الْخُسْرَانِ
مَا رُثِّ الأَنْبَاءُ خَيْرًا مِنْ أَدَبْ ... فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى أَسْنَى الرُّتَبْ
لاسِيَّمَا إِنْ كَانَ بَانَ فِي الصِّغر ... كَمَا رَوَيْنَاهُ كَنَقْشٍ فِي الْحَجَرِ
مَنْ امْتَطَى جَوَادَ رَيْعَانِ الْعَجَلْ ... أَدْرَكَهُ كَمِينُ آفَاتِ الزَّلَلْ
مَنْ كَانَ ذَا عَجْزٍ عَنْ الإِحْسَانِ ... أَثْقَلُ مَا كَانَ عَلَى الإِنْسَانِ