يا قوم فبمثل هذا العالم اقتدوا به وتأسوا تسعدوا ألا أن صنفًا من العلماء رضوا بالدنيا عوضًا عن الآخرة فآثروها على جوار الله تعالى ورغبوا في الاستكثار منها وأحبوا العلو فيها.
فتأسى بهم عالم من الناس وافتتن بهم خلق كثير أولئك أسوء فتنة على الأمة، تركوا النصح للناس كيلا يفتضحوا عندهم، لقد خسروا وبئسما اتجروا واحتملوا أوزارهم مع أوزار المتأسين بهم فهلكوا وأهلكوا أولئك خلفاء الشيطان ودعاة إبليس أقل الله في البرية أمثالهم.
وقال بعض العلماء: من ازداد بالله علمًا فازداد للدنيا حبًا ازداد من الله بعدًا وقال: إذا كان العالم مفتونًا بالدنيا راغبًا فيها حريصًا عليها فإن في مجالسته لفتنة تزيد الجاهل جهلاً وبفتن العالم يزيد الفاجر فجورًا ويفسد قلب المؤمن.
شِعْرًا: ... أُوصِيكُمُ يَا مَعْشَرَ الإِخْوَانِ ... عَلَيْكِمْ بِطَاعَةِ الدَّيَّانِ
وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُهْمِلُوا أَوْقَاتَكُمْ ... فَتَنْدَمُوا يَوْمًا عَلَى مَا فَاتَكُمْ
وَإِنَّمَا غَنِيمَةُ الإِنْسَانِ ... شَبَابُهُ وَالْخُسْرُ فِي التَّوَانِي
مَا أَحْسَنَ الطَّاعَةَ لِلشُّبَّانِ ... فَأَسْعَوْا لِتَقْوَى اللهِ يَا إِخْوَانِي
وَأَعْمِرُوا أَوْقَاتَكُمْ بِالطَّاعَةَ ... وَالذِّكْر كُلَّ لَحْظَةٍ وَسَاعَةْ
وَمَنْ تَفُتْهُ سَاعَةْ فِي عُمْرِهِ ... تَكُنْ عَلَيْهِ حَسْرَةٌ فِي قَبْرِهِ
وَمَنْ يَكُنْ فَرَّطَ فِي شَبَابِهِ ... حَتَّى مَضَى عَجِبْتُ مِنْ تَبَابِهِ
وَيَا سَعَادَةَ امْرِئٍ قَضَاهُ ... فِي عَمَلٍ يَرْضَى بِهِ مَوْلاهُ
أَحَبَّ رَبِّي طَاعَةِ الشَّبَابِ ... يَا فَوْزَهُمْ بِجَنَّةِ الرِّضْوَانِ
فَتُبْ إِلَى مَوْلاكَ يَا إِنْسَانُ ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفُوتَكَ الأَوَانُ
وَمَنْ يَقُلْ إِنِّي صَغِيرٌ أَصْبِرُ ... ثُمَّ أُطِيعُ اللهَ حِينَ أَكْبُرَ
فَإِنْ ذَاكَ غَرَّهُ إِبْلِيسُ ... وَقَلْبُهُ مُغَلَّقٌ مَطْمُوسُ
لا خَيْرَ فِيمَنْ لَمْ يَتُبْ صَغِيرَا ... وَلَمْ يَكُنْ بِعَيْبِهِ بَصِيرَا