للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصِّرْ الآمَالَ فِي الدُّنْيَا تَفُزْ ... فَدَلِيل الْعَقْلِ تَقْصِيرُ الأَمَلْ

ومعنى تقصير الأمل استشعار قرب الموت ولهذا قال بعضهم قصر الأمل سبب للزهد لأن من قصر أمله زهد، ويتولد من طول الأمل الكسل عن الطاعة والتسويف بالتوبة والرغبة في الدنيا والنسيان للآخرة والتساهل بتأخير قضاء الديون والقسوة في القلب.

شِعْرًا: ... تُخَبِّرُنِي الآمَالَ أَنِّي مُعَمَّرٌ ... وَأَنَّ الَّذِي أَخْشَاهُ عَنِّي مُؤَخَّرُ

فَكَيْفَ وَمَرُ الأَرْبَعِينَ قَضِيَّةَ ... عَليَّ بِحُكْمٍ قَاطِعٍ لا يُغَيَّرُ

إِذَا الْمَرْءُ جَازَ الأَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ ... أَسِيرٌ لأَسْبَابِ الْمَنَايَا وَمَعْبِرُ

وقيل من قصر أمله قل همه وتنور قلبه، لأنه إذا استحضر الموت اجتهد في الطاعة ورضي بالقليل وقال ابن الجوزي: الأمل مذمومٌ إلا للعلماء فلولا ما جعل الله فيهم من الأمل لما ألفوا ولا صنفوا.

وفي الأمل سر لطيف جعله الله لولاه لما تهنأ أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع بعمل من أعمال الدنيا. قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأمل رحمة من الله لأمتي ولولا الأمل ما أرضعت أم ولدها ولا غرس غارسٌ شجرًا» . رواه الخطيب.

عن أنس رضي الله عنه والمذموم من الأمل الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة فمن سلم من ذلك لم يكلف بإزالته.

وورد في ذم الاسترسال في الأمل حديث أنس رفعه «أربعة من الشقاء جمود العين وقسوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا» رواه البزار.

وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم اثنان طول الأمل وإتباع الهوى فإن طول الأمل ينسي الآخرة وإتباع الهوى يصد عن الحق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>