للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صلاح هذه الأمة بالزهد واليقين، وهلاك آخرها بالبخل وطول الأمل» ، وقيل أن طول الأمل حجاب على القلب يمنعه من رؤية قرب الموت ومشاهدته ووقر في الأذن يمنع من سماع وجبته ودوي وقعته وبقدر ما يرفع لك من الحجاب ترى وبقدر ما تخفف عن أذنيك من الوقر تستمع.

فانظر رحمك الله نظر من رفع الحجاب وفتح له الباب واستمع سماع من أزيل وقره وخوطب سره وبادر قبل أن يبادر بك وينزل عليك وينفذ حكم الله فيك فتطوى صحيفة عملك ويختم على ما في يديك.

ويقال لك أجن ما غرست ولأحصد ما زرعت واقرأ كتابك الذي كتبت كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا وبربك تبارك وتعالى رقيبا، وعلم أن الأمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقبه التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض ويميل إلى الهوى.

وذا أمر قد شوهد بالعيان فلا يحتاج إلى بيان، ولا يطالب صاحبه ببرهان، كما أن قصر الأمل يبعث على الجد والاجتهاد في العمل، ويحمل على المبادرة، ويحث على المسابقة قال:

سأضرب لك في ذلك مثلاً، مثل ملك من الملوك كتب إلى رجل يقول له: افعل كذا وكذا، وانظر كذا وكذا، وأصلح كذا وكذا، وانتظر رسولي فلانًا فإني سأبعثه إليك ليأتيني بك.

وإياك ثم إياك أن يأتيك إلا وقد فرغت من أشغالك وتخلصت من أعمالك، ونظرت في زادك، وأخذت ما تحتاج إليه في سفرك.

وإلا أحللت بك عقابي وأنزلت عليك سخطي، وأمرته يأتني بك مغلولة يداك مقيدة بجلاك، مشمتًا بك أعداك، مسحوبًا على وجهك إلى دار خزي وهوان وما أعددته لمن عصاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>