وإن وجدك قد فرغت من أعمالك وقضيت جميع أشغالك أتى بك مكرمًا مرفعًا مرفهًا إلى دار رضواني وكرامتي وما أعددته لمن امتثل أمري وعمل بطاعتي.
واحذر أن يخدعك فلان أو فلانة عن امتثال أمري والاشتغال بعملي وكتب إلى رجل آخر بمثل ذلك الكتاب.
فأما الرجل الأول فقال هذا كتاب الملك يأمرني فيه بكذا وكذا، وذكر لي رسوله يأتيني ليحملني إليه وأنا لا أمضي إليه حتى يأتيني رسوله، ولعل رسوله لا يأتيني إلا إلى خمسين سنة فأنا على مهلة.
وسأنظر فيما أمرني به، ولم يقع الكتاب منه بذلك الموقع، ولم ينزله من نفسه بتلك المنزلة، وقال: والله لقد أتى كتابه إلى خلق كثير بمثل ما أتاني، ولم يأتهم رسوله إلا بعد السنين الكثيرة، والمدد الطويلة، وأنا واحد منهم.
ولعل رسوله يتأخر عني كما تأخر عنهم، وجعل الغالب على ظنه أن الرسول لا يأتيه إلا إلى خمسين سنة كما ظن، أو أكثر أو إلى المدة التي جعل لنفسه بزعمه.
ثم أقبل على إشغال نفسه مما لا يحتاج إليه ومما كان غنيًا عنه وترك أوامر الملك والشغل الذي كلفه النظر. فيها والاشتغال به.
فكلما دخلت عليه سنة قال: أنا مشغول في هذه السنة وسأنظر في السنة المقبلة والمسافة أمامي طويلة والمهل بعيد.
وهكذا كلما دخلت عليه سنة قال: أنا مشغول، وسأنظر في الأخرى أو سأنظر في أمري فبينما هو على ذلك من تسويفه، واغتراره، إذ جاءه رسول الملك فكسر بابه وهتك حجابه وحصل معه في قعر بيته.
وقال له: أجب الملك. فقال: والله لقد جاءني كتابه يأمرني فيه بأعمال