للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أين سبقت لي هذه السابقة عند الملك، ومن الذي عنى بي عنده، ومن الذي أنزلني منه هذه المنزلة، حتى جعلتني من بعض خدامه، والقائمين بأمره.

والله إن هذه لسعادة والله إنها لعناية الحمد لله رب العالمين، ثم نظر في الكتاب وقال: أسمع الملك وقد قال لي في كتابه، وانتظر رسولي فإني سأبعثه إليك ليأتيني بك وأره لم يحد لي الوقت الذي يبعث فيه الرسول إلي ولا سماه لي.

ولعلي لا أفرغ من قراءة كتابه إلا ورسوله قد أتاني ونزل علي، والله لا قدمت شغلاً على شغل الملك ولا نظرت في شيء إلا بعد فراغي مما أمرني به الملك، وإعدادي زادًا أتزود به، ومركوبًا أركبه إذا جاءني رسوله وحملني إليه.

فتعرض له رجل وقال له: لم هذه المسارعة كلها وفيم هذه المبادرة كلها؟ فقال له: ويحك أما ترى كتاب الملك بما جاءني، أما تسمع ما فيه أما تصدقه، أما تؤمن به، قال لي: سمعت وآمنت وصدقت، ولكن لم يقل لك فيه إن رسوله يأتيك اليوم ولا غدًا ولا وقتًا معلومًا.

ولكنه سيأتيك وقد جاء كتابه إلى فلان الذي قد جاءك أنت به، وقد بقي منتظرًا لرسوله أكثر من سبعين سنة، وإلى الآن ما أتاه.

وبعد زمان طويل ما جاءه، وفلان أتاه بعد ثمانين سنة، وفلان أتاه بعد مائة سنة، وأنت واحد من المرسل إليهم، فلم هذه العجلة، وفيم هذا الإسراع.

فقال: ويحك أما ترى أنت فلانًا قد جاءه كتاب الملك بهذا الذي جاءني وجاءه الرسول في إثر مجيء الكتاب، وفلان قد جاءه بعد سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>