للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: بلى ولكن لا تنظر إلى هؤلاء خاصة وانظر إلى الذين قلت لك ممن تأخر عنه المجيء فقال له: دعني يا هذا فقد شغلتني والله وإني لأخاف أن يأتيني الرسول وأنا أكلمك.

ثم أقبل على ما أمره به الملك فامتثله، ونظر فيما حد له، واشتغل بما يجب عليه أن يشتغل به، وأخذ الزاد لسفره، وأخذ الأهبة بطريقه وجعل ينتظر الرسول أن يأتيه وأقبل يلتفت يمينًا وشمالاً ينظر من أين يأتيه ومن أين يقبل عليه.

فبينما هو كذلك وإذا برسول الملك قد أتاه فقال: أجب الملك. قال: نعم. قال: الساعة، قال: الساعة، قال: وفرغت مما أمرك به، وعملت ما حد لك أن تعمله، قال: نعم، قال: فانطلق.

قال: بسم الله فخلع عليه خلعة الأولياء وكساه كسوة الأصفياء وأعطاه مركبًا يليق به ويجمل بمثله وانطلق به حبور وسرور.

فبان لك بهذا المثل وبغيره فضلية قصر الأمل، وفضيلة المبادرة إلى العمل، والاستعداد للموت قبل نزوله، والانتظار قبل حلوله.

وقد كثر الحض على هذا وكثرت الأقاويل فيه، ولم يزل المذكرون يذكرون والمنبهون ينهبون لو يجدون سمعًا ووعيًا وقلبًا حافظًا ومحلاً قابلاً فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى.

شِعْرًا: ... مَنْ شَامَ بَرْقَ الشَّيْبَ أَيْقَنَ إِنَّمَا ... وَبْلُ الْمَنِيَّةِ عَقْبَهُ يَتَدَفَّقُ

فَأَعِدَّ زَادًا لِلرَّحِيلِ مُبَادِرًا ... أَجَلاً يُفَاجِؤُ ضَحْوَةً أَوْ يَطْرُقُ

اللهم إن كنا مقصرين في حفظ حقك، والوفاء بعهدك، فأنت تعلم صدقنا في رجاء رفدك، وخالص ودك، اللهم أنت أعلم بنا منا، فبكمال جودك تجاوز عنا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك

<<  <  ج: ص:  >  >>