على ساق الصبر، فانظر الآن فيك إلى التقاء الجيشين واصطدام العسكريين، وكيف تدال مرة. ويدال عليك مرة أخرى.
أقبل ملك الكفرة بجنوده وعساكره، فوجد القلب في حصنه جالسًا على كرسي مملكته، أمره نافذٌ في أعوانه، وجنده قد حفوا به يقاتلون عنه، ويدافعون عن حوزته، فلم يمكنه الهجوم عليه إلا بمخامرة بعض أمرائه وجنده عليه.
فسال عن أخص الجند به، وأقربهم منه منزلة، فقيل له هي النفس، فقال لأعوانه ادخلوا عليها من مرادها وانظروا مواقع محبتها، وما هو محبوبها، فعدوها به، ومنوها إياه، وانقشوا صورة المحبوب فيها في يقظتها ومنامها.
فإذا اطمأنت إليه وسكنت عنده فاطرحوا عليها كلاليب الشهوة وخطاطيفها، ثم جروها بها إليكم.
فإذا خامرت على القلب وصارت معكم عليه ملكتم ثغور العين، والأذن واللسان، والفم واليد، والرجل، فرابطوا على هذه الثغور وكل المرابطة فمتى دخلتم منها إلى القلب فهو قتيلٌ أو أسيرٌ أو جريحٌ مثخن الجراحات.
ولا تخلوا هذه الثغور، ولا تمكنوا سرية تدخل فيه إلى القلب فتخرجكم منها، وان غلبتم فاجتهدوا في أضعاف السرية ووهنا، حتى لا تصل إلى القلب وإن وصلت ضعيفة لا تغني عنه شيئًا.
فإذا استوليتم على هذه الثغور، فامنعوا ثغر العين أن يكون نظره