للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما سمعتم قول الناصح «المتكلم بالباطل شيطان ناطق، والساكت عن الحق شيطان أخرس» .

فالرباط على هذا الثغر أن يتكلم بحق أو يمسك عن باطل وزينوا له التكلم بالباطل بكل طريق، وخوفوه من التكلم بالحق بكل طريق. واعلموا يا بني أن ثغر اللسان هو الذي أهلك منه بني آدم وأكبهم منه على مناخرهم في النار فكم لي من قتيل وأسير وجريح أخذته من هذا الثغر.

وأوصيكم بوصية فاحفظوها، لينطق أحدكم على لسان أخيه من الإنس بالكلمة، ويكون الآخر على لسان السامع، فينطق باستحسانها وتعظيمها والتعجب منها، ويطلب من أخيه إعادتها، وكونوا أعوانًا على الإنس بكل طريقٍ، وادخلوا عليهم من كل بابٍ، واقعدوا لهم كل مرصد.

أما سمعتم قسمي الذي أقسمت به لربهم حيث قلت {١٦: ١٧ - فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} أو ما تروني قد قعدت لابن آدم بطرقة كلها، فلا يفوتني من طريق إلا قعدت له بطريق غيره، حتى أصيب منه حاجتي أو بعضها.

وقد حذرهم ذلك رسولهم وقال لهم: «إن الشيطان قد قعد لابن آدم بطرقه كلها، وقعد له بطريق الإسلام. فقال أتسلم وتذر دينك ودين آبائك، فخالفه وأسلم.

فقعد له بطريق الهجرة، فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك، فخالفه وهاجر، فقعد له بطريق الجهاد، فقال: أتجاهد فتقتل فيقسم المال وتنكح الزوجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>