للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بأرخصه على النفوس وأن الاشتغال ينبغي أن يكون بما هو أعلى عند الناس وأعز عليهم واغرب عندهم والقابلون له أكثر وأما الحق فهو مهجور وقائله معرض نفسه للعداوة. والرائج بين الناس أولى بالإيثار ونحو ذلك فيدخلون الباطل عليه في كل قالب يقلبه ويخف عليه وتخرجون له في قالب يكرهه ويثقل عليه.

وإذا شئت أن تعرف ذلك انظر إلى إخوانهم من شياطين الأنس كيف يخرجون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في قالب كثرة الفضول وتتبع عثرات الناس والتعرض من البلا لما لا يطيق وإلقاء الفتن بين الناس ونحو ذلك.

والمقصود أن الشيطان لزم ثغر الأذن أن يدخل فيها ما يضر العبد ولا ينفعه ويمنع أن يدخل إليها ما ينفعه وأن دخل بغير اختيار أفسده عليه.

ثم يقول: قوموا على ثغر اللسان، فإنه الثغر الأعظم، وهو قبالة الملك، فأجروا عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه، من ذكر الله تعالى، واستغفاره، وتلاوة كتابه ونصيحة عباده، والتكلم بالعلم النافع، ويكون في هذا الثغر أمران عظيمان، لا تبالون بأيهما ظفرتم.

أحدهما: التكلم بالباطل، فإن المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن اكبر جندكم وأعوانكم.

والثاني: السكوت عن الحلق، فإن الساكت عن الحق أخ لكم أخرس، كما أن الأول أخ ناطق، وربما كان الأخ الثاني أنفع أخويكم لكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>