للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن صحبها بالرغبة فيها، والمحبة لها، شقي بها، وأجحفت بحظه من الله تعالى، ثم أسلمته إلى ما لا صبر له عليه من عذاب الله وسخطه.

فأمرها صغير، ومتاعها قليل، والفناء عليها مكتوب، والله ولي ميراثها، وأهلها يتحولون إلى منازل لا تبلى، ولا يغيرها طول الزمن، ولا العمر فيها يفنى فيموتون، ولا إن طال الثواء فيها يخرجون – ولا حول ولا قوة إلا بالله – ذلك الموطن، وأكثروا ذكر ذلك القلب.

نظرا ابن مطيع إلى داره فأعجبه حسنها ثم بكى، ثم قال: والله لولا الموت لكنت بك مسرورًا، ولولا ما نصير إليه من ضيق القبور لقرت بالدنيا أعيننا، ثم بكى حتى ارتفع صوته.

قال أبو زيد الرقي: قال أبو محمد الفضيل بن عياض رضي الله عنه يا أبا زيد اشتريت دارًا؟ قلت: نعم. قال: وأشهدت شهودًا؟ قلت: نعم. قال: فإنه والله يأتيك من لا ينظر في كتابك، ولا يسأل عن بيتك، فيخرجها منها عريانًا مجردًا.

فانظر أن لا تكون اشتريت هذه الدار من غير مالك، ووزنت فيها مالاً من غير حلة، فإذا أنت قد خسرت الدنيا والآخرة.

شِعْرًا: ... خُلِقْنَا لِلْحَيَاةِ وَلِلْمَمَاتِ

وَفِي هَذَيْنِ كُلُّ الْحَادِثَاتِ

وَمَنْ يُولَدْ يَعِشْ وَيَمُتْ كَأَنْ لَمْ

يَمُرَّ خَيَالُهُ بِالْكَائِنَاتِ

وَمَهْدُ الْمَرْءِ فِي أَيْدِي الرَّوَاقِي

كَنَعْشِ الْمَرْءِ بَيْنَ النَّائِحَاتِ

وَمَا سَلِمَ الْوَلِيدُ مِنْ اشْتِكَاءٍ

فَهَلْ يَخل الْمُعَمَّرُ مِنْ أَذَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>