وقال: الزموا أماكنكم فأنا ملك الموت فطاشت حلومهم وارتعدت فرائضهم وبطلت عن الحركة جوارحهم.
فقال الملك: قولوا له ليأخذ بدلاً مني وعوضًا عني فقال: ما آخذ إلا روحك ولا أتيت إلا لأجلك لأفرق بينك وبين النعم التي جمعتها والأموال التي حوتها وخزنتها.
فتنفس الصعداء وقال لعن الله هذا المال الذي غرني وأبعدني ومنعني من عبادة ربي وكنت أظن أنه ينفعني فاليوم صار حسرتي وبلائي وخرجت صفر اليدين منه وبقي لأعدائي.
فأنطق الله تعالى المال حتى قال لأي سبب تلعني العن نفسك فإن الله تعالى خلقني وإياك من تراب وجعلني في يدك لتتزود بي إلى آخرتك وتتصدق بي على الفقراء وتزكي بي على الضعفاء.
ولتعمر بي الربط والمساجد والجسور والقناطر لأكون عونا لك في اليوم الآخر فجمعتني وخزنتني وفي هواك أنفقتني ولم تشكر الله في حقي بل كفرتني فالآن تركتني لأعدائك وأنت بحسرتك وبلائك.
فأي ذنب لي فتسبني وتلعنني ثم إن ملك الموت قبض روحه قبل أكل الطعام فسقط عن سريره صريع الحمام.
وقال يزيد الرقاشي: كان في بني إسرائيل جبار من الجبابرة وكان في بعض الأيام جالسًا على سرير مملكته فرأى رجلاً قد دخل من باب الدار ذا صورة منكرة وهيئة فاشتد خوفه من هجومه وهيئته وقدومه فوثب في وجهه وقال: من أنت أيها الرجل ومن أذن لك في الدخول إلى داري.
فقال أذن لي صاحب الدار وأنا الذي لا يحجبني حاجب ولا أحتاج في دخولي على الملوك إلى إذن ولا أرهب سياسة السلطان ولا يفزعني جبارٌ ولا لأحدٍ من قبضتي فرار فلما سمع هذا الكلام خر على وجهه ووقعت الرعدة في جسده.