للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: أنت ملك الموت قال: نعم قال أقسم عليك بالله إلا أمهلتني يومًا واحدًا لأتوب من ذنبي وأطلب العذر من ربي وأورد الأموال التي أودعتها خزائني إلى أربابها ولا تحمل مشقة عذابها.

فقال: كيف أمهلك وأيام عمرك محسوبة وأوقاتها مكتوبة فقال أمهلني ساعة، فقال إن الساعات في الحساب وقد عبرت وأنت غافل وأنقصت وأنت ذاهل وقد استوفيت أنفاسك ولم يبق لك نفس واحدٌ.

فقال من يكون عندي إذا نقلتني إلى لحدي فقال لا يكون عندك سوى عملك فقال ما لي عمل؟ فقال لا جرم يكون مقيلك في النار ومصيرك إلى غضب الجبار.

وقبض روحه فخر عن سريره وعلا الضجيج من أهل مملكته وارتفع ولو علموا ما يصير إليه من سخط ربه لكان بكائهم عليه أكثر وعويلهم أوفر.

مَا لِنَفْسِي عَنْ مَعَادِي غَفَلَتْ ... أَتَرَاهَا نَسِيتَ مَا فَعَلَتْ

أَيُّهَا الْمَغْرُورُ فِي لَهْوِ الْهَوَى ... كُلُّ نَفْسٍ سَتَرَى مَا عَمِلَتْ

أُفٍّ لِلدُّنْيَا فَكَمْ تَخْدَعْنَا ... كَمْ عَزِيزٍ فِي هَوَاهَا خَذَلَتْ

رُبَّ رِيحٍ بِأُنَاسٍ عَصَفَتْ ... ثُمَّ مَا إِنْ لَبَثَتْ أَنْ سَكَنَتْ

أَيْنَ مَنْ أَصْبَحَ فِي غَفْلَتِهِ ... فِي سُرُورٍ وَمُرَادَاتِ خَلَّتْ

أَصْبَحَتْ آمَالُه قَدْ خَسِرَتْ ... وَدِيَارُ لَهْوِهِ قَدْ خَرِبَتْ

فَغَدَتْ أَمْوَالُهُ قَدْ فُرِّقَتْ ... وَكَانَ دَارَهُ مَا سَكَنَتْ

جُزْ عَلَى الدَّارِ بِقَلْبٍ حَاضِرٍ ... ثُمَّ قُلْ يَا دَارُ مَاذَا فَعَلَتْ

أَوْجهٌ كَانَتْ بُدُورًا طُلِّعَا ... وَشُمُوسًا طَالَمَا قَدْ أَشْرَقَتْ

قَالَتْ الدَّارُ تَفَانُوا فَمَضُوا ... وَكَذا كُلُّ مُقِيمٍ إِنْ ثَبَتْ

عَايَنُوا أَفْعَالَهُمْ فِي تُرْبِهِمْ ... فَاسْأَلِ الأَجْدَاثَ عَمَّا اسْتُودِعَتْ

اللهم أحي قلوبنا أماتها البعد عن بابك، ولا تعذبنا بأليم عقابك يا أكرم من سمح بالنوال وجاد بالأفضال، اللهم أيقظنا من غفلتنا بلطفك

<<  <  ج: ص:  >  >>