للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقل في الدنيا متعب ومن جهة أخرى مستريح.

ووجه ذلك أنه متعبٌ ومتكدرٌ فيما يرى من انتشار الباطل وغلبة دولته وبما يخال بينه من إظهار الحق.

وأما وجه راحته فمن كل ما يهتم به سائر الناس من فضول الدنيا.

إذا حققت أمر لم تجدها إلا الآن الذي هو فصل بين زمانين فقط.

وأما ما مضى وما لم يأت فمعدومان كما لم يكن.

فمن أضل ممن يبيت باقيًا خالدًا بمدة هي لأقل من كر الطرف.

من شغل نفسه بأدنى العلوم وترك أعلاها وهو قادر عليه كان كغارس الأثل والسدر في الأرض التي يجود ويزكوا فيها النخيل والتين والموز والعنب.

نشر العلم عند من ليس من أهله مفسد لهم كإطعامك العسل والسكر والتمر من به مرض السكر ومن به احتراق وحمى.

وكتشميمك المسك والعنبر لمن به صداع الصفراء، أو به شقيقة وهو وجع نصف الرأس.

من أراد الآخرة وحكمة الدنيا وعدل السيرة والاحتواء على محاسن الأعمال والأخلاق والآداب كلها واستحقاق الفضائل بأسرها فليقتدي بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وليستعمل أخلاقه وسيره.

والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

(فَصْلٌ)

وقال رحمه الله منفعة العلم في استعمال الفضائل عظيمة وهو أن يعلم حسن الفضائل فيأتيها ويعلم قبح الرذائل فيجتنبها ويستمع الثناء الحسن فيرغب في مثله والثناء الردى فينفر منه.

شِعْرًا: ... لا تَيْأَسَنَّ أَخَا الإِخْلاصِ فِي الْعَمَلِ ... عَلَى خُمُولِكَ أَنْ تَرْقَى عَلَى الْفَلَكَ

بَيْنَا تَرَى الذَّهَبَ الإِبْرِيزِ مُطَّرَّحًا ... فِي الأَرْضِ إِذْ صَارَ إِكْلِيلاً عَلَى الْمَلِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>