شِعْرًا:
مَنْ كَانَ لا يَطَأ التُّرَابَ بِنَعْلِهِ ... وَطِيءَ التُّرَابُ بِصَفْحَةِ الْخَدِّ
مَنْ كَانَ بَيْنَكَ فِي التُّرَابِ وَبَيْنَهُ ... شِبْرَانِ فَهُوَ بِغَايَةِ الْبُعْدِ
لَوْ كُشِفَتْ لِلنَّاسِ أَغْطِيَةُ الثَّرَى ... لَمْ يُعْرَفِ الْمَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ
فليس يأتي في الشتاء دون الصيف فيخاف من الشتاء ويؤمن في الصيف ولا بالعكس ولا في النهار فيؤمن بالليل ولا بالعكس.
وليس وقت من العمر معلوم عند الناس فيأخذ أبناء الخمسين فيأمنه من دون ذلك وليس له علة دون علة كالحمى والسل فيأمنه من لم يصبه ذلك.
فحق على العالم بأمر الله عز وجل وأنه الذي انفرد بعلم ذلك الوقت أن لا يأمنه في وقت من الأوقات وأن يكون مستعدًا له أتم الاستعداد.
فمن ذكر الموت بفراغ قلب من كل شيء مع ذكره عظيم ما يأتي البشر من العذاب أو بالرحمة مع الاعتبار بالذين مضوا قبله ممن فوقه ودونه وأشكاله وأمثاله من أقارب وأصدقاء وزملاء وأقران وجيران ومشايخ وملوك وأساتذة وإخوان.
ومن فوائد ذكر الموت أنه يورث الاستشعار بالانزعاج عن هذه الدار الفانية المملوءة بالأكدار والأنكاد والهموم والغموم.
ويحثك ذكر الموت عن حالتي ضيق وسعة ونعمة ومحنة.
فإن كان في حال ضيقه ومحنة فذكر الموت سهل عليه بعض ما هو فيه إذ لا مصيبة إلا الموت أعظم منها وهو ذائقة ولا بد.
قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وإن كان في حال سعة ونعمة.
شِعْرًا: ... عَجَبًا لِمَنْ يُبْقِي ذَخَائِرَ مَالِهِ ... وَيَظَلُّ يَحْفَظُهُنَّ وَهُوَ مُضَيّعُ
وَلِغَافِلٍ وَيَرَى بِكُلِ ثَنِيَّةٍ ... مُلْقَى لَهُ بَطْنُ الصَّفَائِحِ مُضَيّعُ
أَتَرَاهُ يَحْسَبُ أَنَّهُمْ مَا أَسَأَرُوا ... وَمِنْ كَأْسِهِ أَضْعَافْ مَا يَتَجَرَّعُ