للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر الموت يمنعه من الاغترار بالدنيا والركون إليها لتحقق عدم دوامها وتحقق ذهابها عنه وانصرامها.

قال الله جل وعلا وتقدس: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} .

شِعْرًا: ... أيَا صَاحِ كنْ في شأنْ دُنْيَاكَ هَذِهِ ... غَرِيبًا كَئِيبًا عَابِرًا لِسَبِْيلِ

وعُدَّ مِن أهْلِ القَبْرِ نَفْسَكَ إِنَّمَا ... بَقَاؤُكَ فِيهَا مِنْ أَقَلِّ قَلِيْلِ

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض أهل بيته: أما بعد فإنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بغَّض إليك كل فان.

وقال بعض العلماء: الأيام سهام والناس أغراض والدهر يرميك كل يوم بسهامه ويخترمك بلياليه وأيامه حتى يستغرق ويستكمل جميع أجزائك فكيف تبقى سلامتك مع وقوع الأيام بك وسرعة الليالي في بدنك لو كشف لك عما أحدثت الأيام فيك من النقص لاستوحشت من كل يوم يأتي عليك واستثقلت ممر الساعات بك ولكن تدبير الله فوق كل تدبير.

قال بعضهم يرثي أخًا له:

يَا صَاحِبِيْ إِنَّ دَمْعِيْ اليَوْمَ مُنْهَمِلٌ ... عَلى الخُدُوْدِ حَكَاهُ العَارِضُ الهَطِلُ

وَفِي الْفُؤادِ وَفِي الأَحْشَاءِ نَارُ أَسىً ... إِذَا أَلَمَّ بِهَا التِّذْكَار تَشْتَعِلُ

عَلى الأَحِبَّةِ والإِخْوَانِ إِذْ رَحَلُوْا ... إِلَى المقَابِرِ والألْحَادِ وانْتَقَلُوْا

كُنَّا وَكَانُوْا وَكَانَ الشَّمْلُ مُجْتَمِعًا ... وَالدَّارُ آهِلَةٌ َوَالحَبْلُ مُتَّصِلُ

حَدَا بِهِمْ هَادِمُ اللَّذَّاتِ في عَجَلٍ ... فَلَمْ يُقِْيمُوا وَعَنْ أَحْبَابِهِمْ شُغِلُوا

وَلَمْ يَعُوْجُوا عَل أَهْلٍ وَلاَ وَلَدٍ ... كَأَنَّهمْ لَمْ يَكُوْنُوا بَيْنَهَمْ نَزَلُوْا

إِنِّي لأَعْجَبُ لِلدُّنْيَا وَطَالِبهَا ... وَلِلْحَرِيْصِ عَلَيْهَا عَقْلُهُ هَبَلُ

وَغَافِلِ لَيْسَ بالْمَغْفُولِ عَنْهُ وَإِنْ ... طَالَ المَدَى غَرَّهُ الإمْهَالُ وَالأَمَلُ

نَاسٍ لِرِحْلَتِهِ ناَسٍ لِنُقْلَتِهِ ... إِلَى القُبُور التيْ تَعْيَا بِهَا الحِيَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>