للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان العلماء المخلصون يذمون نفوسهم ويتهمونها ولا يرضون عنها.

قال بعضهم من لم يهتم نفسه على دوام الأوقات ولم يخالفها ولم يجرها إلى مكروها فهو مغرور ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها.

وكيف يرضى عنها عاقل وهي الأمارة بالسوء وقال بعض العلماء لا تسكن إلى نفسك وإن دامت طاعتها لك في طاعة الله.

وقال آخر: ما رضيت عن نفسي طرفة عين.

وقال آخر: إن من الناس ناس لو مات نصف أحدهم ما أنزجر النصف الآخر ولا أحسبني إلا منهم.

وقال آخر: فائدة الصحبة إنما هي للزيادة في الحال وعدم النقصان فيها فإياك وصحبة من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله.

فصحبة من يرضى عن نفسه وإن كان عالمًا شر محض ولا فائدة فيها لأن علمه في الغالب غير نافع له.

وجهله الذي أوجب رضاه عن نفسه صار غاية الضرر لأنه فاته العلم الذي يريه عيبه حتى لا يرضى عن نفسه الأمارة بالسوء.

وقال ابن القيم رحمه الله لما ذكر النفس الامارة بالسوء قال منها أن يعرف أنها جاهلة ظالمة وأن الجهل والظلم يصدر عنهما كل قولٍ وعملٍ قبيح.

ومن وصفه الجهل والظلم لا مطمع في استقامته واعتداله البتة فيوجب له ذلك بذل الجهد في العلم النافع الذي يخرجها به عن وصف الجهل والعمل الصالح الذي يخرجها به عن وصف الظلم ومع هذا فجهلها أكثر من علمها وظلمها أعظم من عدلها.

فحقيق بمن هذا شأنه أن يرغب إلى خالقها وفاطرها أن يقيه شرها وأن يؤتيها تقواها ويزكيها فهو خير من زكاها وأن لا يكله إليها طرفة عين فإنه إن

<<  <  ج: ص:  >  >>