وكله إليها هلك فما هلك من هلك إلا حيث وكل إلى نفسه.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحصين بن المنذر «قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي» وفي خطبة الحاجة «ونعوذ بالله من شرور أنفسنا» وقد قال تعالى {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} .
فمن عرف حقيقة نفسه وما طبعت عليه علم أنها منبع كل شر ومأوى كل سوء وأن كل خير فيها ففضل من الله من به عليها لم يكن منها كما قال تعالى {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً} .
وقال تعالى {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} فهذا الحب وهذه الكراهة لم يكونا في النفس ولا بها.
ولكن هو الذي من بهما بسببهما من الراشدين {فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} عليم بمن يصلح لهذا الفضل ويزكوا عليه وبه ويثمر عنده حكيم فلا يضعه عند غير أهله انتهى بتصرف يسير.
فعلى العاقل اللبيب محاسبة نفسه دائمًا والمحاسبة هي مطالعة القلب وأعمال اللسان وأعمال الجوارح.
فأجعل ذنوبك نصب عينيك فإن غفلت عنها اجتمعت بسرعةٍ وكثرت.
وتأمل وفكر فلو أنك وضعت في كل معصيةٍ تحدثها حجرًا في دارك لامتلأ بيتك في مدة يسيرةٍ.
فمثلاً عندك غيبة أو عندك كذب أو عندك رياء أو عندك عقوق أو قطيعة رحم أو ظلم لمسلم أو لنفسك أو لأهلك أو لأولادك أو الجيران أو تعامل معاملة لا تجوز.