للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ كُلُّهُمْ لِلْعِيدِ قَدْ صَبَغُوا ... وَقَدْ صَبَغْتُ ثِيَابَ الذُّلِّ وَالْكَمَدِ

النَّاسُ كُلُّهُمُ لِلْعِيدِ قَدْ غَسَلُوا ... وَقَدْ غَسَلْتُ أَنَا الدَّمْعِ لِلْكَبَدِ

وقال الحسن: المؤمن قوام على نفسه يحاسبها لله تعالى وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة.

وفي الحديث أبي طلحة أنه لما شغله الطين في صلاته فتدبر شغله فجعل حائطه صدقة لله تعالى ندمًا ورجاءً لعوض مما فاته وتأديبًا لنفسه.

المهم أن يعلم العبد أن أعدى عدو له نفسه التي بين جنبيه وقد خلقت أمارة بالسوء أمارة بالشر فرارة من الخير.

والإنسان مأمور بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل العبر إلى عبادة ربها وخالقها ومنعها عن لذتها وشهواتها المهلكة.

فإن أهملها شردت وجمحت ولم يظفر بها ذلك وإن لازمها بالتوبيخ والتقريع والمعاتبة والعذل والملامة ولم عن تذكيرها وعتابها اعتدلت بإذن الله تعالى.

وَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى ... حُبِّ الرِّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ

وَرَاعِهَا وَهِيَ فِي الأَعْمَالِ سَائِمَةً ... وَإِنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ الْمَرْعَى فَلا تُسِمِ

كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلْمَرْءِ قَاتِلَةً ... مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِي أَنَّ السُّمِ فِي الدَّسَمِ

فالعاقل اللبيب من يوبخ نفسه ويعاتبها ويوضح لها عيوبها كلها ويقرر عندها جهلها وحماقتها فإنها إذا أراد الله تعذر وترعوي وترجع.

فيقول لها: ما أعظم جهلك تدعين الحكمة والفطنة وأنت من أجهل الناس وأحمقهم.

وأكبر برهان على ذلك إهمالك واستهانتك أما تعرفين ما بين يديك من الأهوال والعظائم والمزعجات والمخاوف.

أما تقرئين وتسمعين قول القائلين وأوفى الواعدين وأقدر القادرين: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً * يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً} .

<<  <  ج: ص:  >  >>