للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. يَوْم الْقِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ ... لَفَرَرْتَ مِنْ أَهْلٍ وَمِنْ أَوْطَانٍ

يَوْمَ تَشَقَّقَتِ السَّمَاءُ لِهَوْلِهِ ... وَتَشِيبُ مِنْهُ مَفَارِق الْوِلْدَانِ

وقوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} . الآية.

وقوله عز من قائل: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً} . الآية وقوله جل وعلا: {مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} .

وقوله تبارك وتعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى} .

وقوله جل وعلا: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} .

ونحو هذه الآيات المخوفة ثم يقول لنفسه: فمالك تفرحين وتضحكين وتشتغلين باللهو وأنت مطلوبة لهذا الأمر العظيم والخطب الجسيم وبين يديك إحدى منزلتين الجنة أو النار فكيف يهنؤك نوم أو يلذ لك مأكول أو مشروب وأنت لا تدرين في أي الفرقين تكونين {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}

وَكَيْفَ تَنَامُ الْعَيْنُ وَهِيَ قَرِيرَةٌ ... وَلَمْ تَدْرِ فِي أَيِّ الْمَكَانَيْنِ تَنْزِلُ

وقل لها: أما تعلمن أن كل ما هو آت قريب وأن العيد ما ليس آت.

أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة من غير تقديم رسول ومن غير مواعدة وأنه لا يأتي في الشتاء دون صيف ولا في صيف دون شتاء ولا في نهار دون ليل ولا في ليل دون نهار ولا يأتي في الصبا دون الكبر ولا في الكبر دون الصبا.

بل كل نفس يمكن أن يأتيها الموت بغتة فإن لم يأت الموت بغتة جاءه المرض لا محالة ثم المرض يفضي إلى الموت.

فمالك يا نفس لا تستعدين والموت أقرب إليك من حبل الوريد.

فهكذا معاملة الزهاد والعباد في توبيخ أنفسهم وعتابها فإن مطلبهم من المناجاة الاسترضاء ومقصودهم من المعاتبة التنبيه والاسترعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>