وقد حصلوا على الظفر. ما مضى من الدنيا أحلام، وما بقي منها أماني، والوقت ضائع بينهما.
كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه، وولد لا يعذره، وجار لا يأمنه، وصاحب لا ينصحه، وشريك لا ينصفه، وعدو لا ينام عم معاداته، ونفس أمارة بالسوء، ودنيا متزينة، وهوى مرد، وشهوة غالبة له، وغضب قاهر، وشيطان مزين، وضعف مستول عليه.
فإن تولاه الله وجذبه إليه، انقهرت له هذه كلها، وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه، اجتمعت عليه فكانت الهلكة.
شِعْرًا:
أَلا أَخْبِرْ بِمُنْتَزِجِ النَّوَاحِي ... أَطَيرُ إِلَيْهِ مَنْشُورَ الْجِنَاحِ
فَأَسْأَلُهُ وَأَلْطفه عَسَاهُ ... سَيَأْسُو مَا بِدِينِي مِنْ جِرَاحِ
وَيَجْلُو مَا دَجَا مِنْ لَيْلِ جَهْلِي ... بِنُورِ هُدًى كَمُنْبَلِجَ الصَّبَاحِ
فَأَبْصَقَ فِي مُحَيَّا أُمّ دَفْرٍ ... وَأهْجُرُهَا وَأَدْفَعُهَا بِرَاحِي
وَأَصْحُو مِنْ حُمَيَّاهَا وَأَسْلُوا ... عَفَافًا عَنْ جَاذِرهَا الْمِلاحِ
وَاصْرِفْ هِمَّتِي بِالْكُّلِ عَنَهَا ... إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ وَالنَّجَاحِ
أَفِي السِّتِين اهْجِعْ فِي مَقِيلِي ... وَحَادِي الْمَوْتِ يُوقِظُ لِلرَّوَاحِ
وَقَدْ نَشَرَ الزَّمَانُ لِوَاءَ شَيْبِي ... لَيَطْوِينِي وَيَسْلُبُنِي وِشَاحِي
وَقَدْ سَلّ الْحَمَامُ عَلَيَّ نَصْلاً ... سَيَقْتُلُنِي وَإِنْ شَاكَتْ سِلاحِي
وَيَحْمِلُنِي إِلَى الأَجْدَاثِ صَحْبِي ... إِلَى ضِيقٍ هُنَاكَ أَو انْفِسَاحٍ
فَأُجْزَى الْخَيْرَ إِنْ قََدَّمْت خَيْرًا ... وَشَرًّا إِنْ جُزِيتَ عَلَى اجْتِرَاحِي
وَهَا أَنَا ذَا عَلَى عِلْمِي بِهَذَا ... بِطِيءُ الشَّأْوِ فِي سُنَنِ الصَّلاحِ
فَلَوْ أَنِّي نَظَرْتُ بِعَيْنِ عَقْلِي ... إِذَنْ لَقَطَعْتُ دَهْرَي بِالنِّيَاحِ
وَلَمْ أَسْحَبْ ذُيُولِي فِي التَّصَابِي ... وَلَمْ أُطْرَبُ بِغَانِيَةٍ رَدَاحٍ