للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صهيب مرفوعًا: " عجبًا لأمر المؤمن إن أمره خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له ".

وقال آخر يعزى بعض إخوانه: المأمول فيكم الصبر والاحتساب والتعزي بعزاء الله فقد قال بعض العلماء إنك لن تجد أهل العلم والإيمان إلا وهم أقل الناس انزعاجًا عند المصائب وأحسنهم طمأنينة واقلهم قلقًا عند النوازل وما ذاك إلا لما أتوا مما حرمه الجاهلون.

قال الله تعالى {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .

فهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في العاجلة والآجلة فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتها تسلى عن مصيبة لأن العبد وأهله وماله ملك لله يتصرف فيه حيث جعله عند عبده عارية.

والمعير مالك قاهر قادر والعبد محفوف بعدمين عدم قبله وعدم بعده وملك العبد متعة معارة الثاني أن مصير العبد ومرجعه ومرده إلى مولاه الحق الذي له الحكم والأمر ولا بد أن يخلف ما خوله في هذه الدار وراء ظهره ويأتي فردًا بلا أهلٍ ولا مالٍ ولا عشيرةٍ ولكن بالحسنات والسيئات.

ومن هذا حاله لا يفرح بموجود ولا يأسف على مفقودٍ وإذا علم المؤمن علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه هانت عليه المصيبة وأطمأن بأذن الله وقد قيل:

مَا قَدْ قضي يَا نَفْسُ فَاصْطَبِرِي لَهُ ... وَلَكَ الأَمَان مِنَ الَّذِي لَمْ يُقْدَرِ

وَتَعَلَّمِي أَنَّ الْمُقَدَّرَ كَائِنٌ ... يَجْرِي عَلَيْكَ عَذِرْتَ أَمْ لَمْ تُعْذَرِ

ومن صفات المؤمن أنه عند الزلازل وقور وفي الرخاء شكور ومما يخفف المصائب برد التأسي فانظروا يمينًا وشمالاً وأمام وَوَراء فإنكم لا تجدون إلا من

<<  <  ج: ص:  >  >>